
ميعاد مبارك – الخرطوم
نددت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بقتل واغتصاب نازحة في ولاية وسط دارفور، مبدية أسفها من استمرار استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب في السودان، فيما أعلن الرئيس المناوب للجنة الترتيبات الأمنية في دارفور سليمان صندل، عن ترتيبات لتعزيز ونشر القوات المشتركة لحماية المدنيين في جميع ولايات الإقليم، مشيرا إلى أنهم بصدد تشكيل المجموعة الثانية من تلك القوات، يبلغ عددها 2500 مقاتل.
وحسب المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، آدم رجال، «وجدت جثة النازحة البالغة من العمر (20 عاما) أم لطفل رضيع، على بعد 6 كيلومترات شرق مدينة نيرتتي في ولاية وسط دارفور، وكانت مكبلة اليدين والرجلين وقد نزعت عنها ملابسها وألقيت في أنحاء المزرعة بشكل مستفز ومروع» مشيرا إلى أن «الفحص الطبي بين تعرضها لطعنات في ظهرها وصدرها وجروح عديدة في اليدين، فيما أكد تعرضها للاغتصاب». وقال لـ«القدس العربي» إنهم «وجدوا آثار الجمال التي عادة ما تستخدمها ميليشيات الجنجويد في المزرعة، التي تعرضت للتخريب بشكل كامل» مشيرا إلى ما وصفه بـ«استمرار مخططات التهجير القسري للنازحين ومنعهم من العودة إلى مناطقهم واستهداف كل من يحاول العودة إلى مزرعته أو أرضه بالقتل والاغتصاب والترويع».
«استهزاء بالعقول»
ومنذ اندلاع الحرب في إقليم دارفور، غربي السودان «درجت السلطات والمجموعات المسلحة التابعة لها، على استخدام الاغتصاب كسلاح حرب، قامت باغتصاب وقتل مئات النساء أمام عائلاتهم» وفق رجال، الذي شدد على أنهم يعتبرون «تكوين قوات مشتركة لحماية المدنيين من مجموعات مسلحة، شارك بعضها في حرب دارفور وترويع وقتل المواطنين واغتصاب النساء هناك، مجرد عبث واستهزاء بالعقول». وبين أن «هذه القوات تضم مجموعات تتحرش وتعتدي على النساء، ما سيزيد الطين بلة».
واعتبر نشر هذه القوات من ضمن «محاولات لتضليل المجتمع الدولي» مضيفا: «لن يكون هناك استقرار في دارفور في ظل استمرار قادة الانقلاب في السلطة».
وشدد على «ضرورة تكوين جيش سوداني موحد بعقيدة وطنية، وقوات نظامية مدربة ومؤهلة للقيام بمهام حماية المدنيين وحفظ السلام والاستقرار في البلاد، في ظل حكم مدني ديمقراطي».
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020، أصدر مجلس الأمن الدولي، قرارا بإنهاء مهام البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) والتي ظلت تقوم بمهام حماية المدنيين لـ13 عاما.
«خطأ فادح»
الأمر الذي وصفه رجال بـ«الخطأ الفادح الذي يدفع مواطنو إقليم دارفور ثمنه في الوقت الراهن» مشيرا إلى «استمرار أعمال القتل والاغتصاب في الإقليم والتي تفاقمت عقب انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021».
كما اعتبر اتفاق السلام الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 «اتفاقا فوقيا لا علاقة له بقضايا الإقليم ومطالب ضحايا الحرب». وعلى أثر هذه الاتفاق، «مضت الأمم المتحدة في إجراءات سحب بعثة يوناميد والتي كانت تضم قوات دولية لحماية المدنيين» تبعا للمصدر. في المقابل، أكد الرئيس المناوب للجنة الترتيبات الأمنية، سليمان صندل، خلال خطاب، أمس الأحد، في معسكر دومايا لتدريب قوات حفظ الأمن، في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، أن هذه القوات «ستسهم في بسط الأمن وتحقيق الاستقرار ومحاربة كل الجرائم في الإقليم».
وقال إن «اتفاق السلام، الموقع بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية في أكتوبر/ تشرين الأول2020، أتى إثر تضحيات كبيرة». وزاد «جميع الأطراف لديها إرادة قوية في تحقيق السلام وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، الخاص بدمج وتسريح قوات الحركات الموقعة على الاتفاق في القوات النظامية وتكوين قوات مشتركة لحماية المدنيين في مناطق النزاع».
ووصف الاتفاق بـ«أهم إنجازات الثورة السودانية» مشيرا إلى أنه يهدف إلى «تكوين جيش واحد مهني يدافع عن السودان والعمل على تحقيق العدالة في دارفور وجميع أنحاء البلاد».
وفي 3 يوليو/ تموز الماضي، أعلنت السلطات السودانية، تخريج الدفعة الأولى من قوات حماية المدنيين والتي تكونت من 2000 جندي من قوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام والجيش وقوات «الدعم السريع». وأشار صندل، أمس، إلى» شروعهم في تشكيل الدفعة الثانية من قوات حماية المدنيين والتي يبلغ عددها 2500 مقاتل» مشيرا إلى أن «وزارة المالية، التزمت بتوفير التمويل اللازم، وخصصت 150 عربة عسكرية لتلك القوات، وأنهم سيواصلون العمل المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم».
وينتظر أن ينعقد خلال الأسبوع المقبل المؤتمر الخاص بتعديل اتفاق السلام، وفق الجداول المعلنة للمرحلة الأخيرة من العملية السياسية في السودان، على الرغم من رفض عدد من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام الانضمام للاتفاق الإطاري الموقع بين العسكر وعدد من التنظيمات المدنية والحركات المسلحة في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي 9 يناير/ كانون الثاني الجاري، أعلنت الأطراف السودانية الموقعة على الاتفاق الإطاري والآلية الدولية الثلاثية، المكونة من بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) والتي تقوم بتيسير الحوار بين الأطراف السودانية، انطلاق المرحلة النهائية من العملية السياسية في البلاد.
وينتظر أن تصل الأطراف السودانية لاتفاق حول القضايا الخمسة المؤجلة من الاتفاق والتي تتضمن الإصلاح العسكري وتفكيك النظام السابق والعدالة الانتقالية وحل قضية شرق السودان بالإضافة إلى تعديل اتفاق السلام. واندلعت الحرب في إقليم دارفور في مارس/ آذار 2003، وحسب إحصاءات الأمم المتحدة قدرت حصيلتها بـ300 ألف قتيل بالإضافة إلى نزوح ولجوء نحو مليوني شخص.
ووفق «هيومن رايتس ووتش» «اُستخدم الاغتصاب كسلاح في حرب في دارفور ونزاعات أخرى» مشيرة إلى «تورط قوات سودانية في ارتكاب عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي ضد أعداد كبيرة من النساء خلال هجمات متعددة في مختلف المواقع والأوقات خلال الحرب».
ويعكس انتشار العنف الجنسي، وفق المنظمة الدولية «تمييزا واسعاً ضد النساء والفتيات في مختلف أنحاء السودان» مشيرة إلى «استهداف قوات الأمن النساء في حملات القمع ضد المحتجين والاعتقالات السياسية».
ووفق إحصائية نشرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي ارتفع عدد النازحين في السودان إلى 3.8 مليون شخص خلال عام 2022، مبينة أن النزاع المسلح والعنف كان مسؤولا عن 85٪ من أسباب النزوح.
ورصدت المفوضية 370 حادثاً أمنياً العام الماضي، بسبب النزاع الأهلي والهجمات المسلحة، تتضمن 60 حادثاً في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.«القدس العربي»