
الخرطوم ـ «القدس العربي»: في وقت تمضي الهدنة بين أطراف القتال في السودان، إلى يومها الخامس، وسط خروقات واسعة، تطالب القوى المدنية المناهضة للحرب في السودان والمجتمع الدولي، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالالتزام بوقف إطلاق النار المؤقت للسماح بالمرور الآمن للمدنيين والمساعدات الإنسانية في ظل أوضاع بالغة التعقيد، يعيشها السوانيون منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان/ابريل الماضي.
وفي ظل تواصل المعارك بين جانبي القتال في السودان، اتهم الدعم السريع الجيش، بقصف مباني صك العملة بالطيران وتدميرها بشكل كامل. وكان الجيش الأسبوع الماضي قد اتهم الدعم السريع باحتلال ذات المقر، المسؤول عن صك النقود السودانية.
ويأتي ذلك في وقت طالب نائب رئيس المجلس السيادي السوداني مالك عقار، في بيان أمس السبت بتعزيز الحلول الأفريقية للأزمة السودانية داخل المؤسسات الأفريقية لانهاء الحرب، وعدم الحديث عن عملية سياسية في الوقت الراهن.
يأتي حديث عقار عن الحلول الأفريقية، والذي عينه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، الأسبوع الماضي خلفا لنائبه السابق وغريمه الحالي، محمد حمدان دقلو «حميدتي» بالتزامن مع دعوات للبرهان باستبدال رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس.
وفي خضم ذلك ما تزال الأزمة الإنسانية في السودان تتفاقم، في وقت يحتاج ثلثا السودانيين لمساعدات عاجلة حسب الأمم المتحدة.
ومنذ اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قتل نحو ألف سوداني، فيما فر مليون مواطن بين نازحين داخليا ولاجئين في دول الجوار.
وفي السياق لفت عضو المجلس السيادي السوداني السابق محمد الفكي إلى واجبات عاجلة يجب أن تتم في ظل الهدنة، مشيرا إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالغة التعقيد والقسوة التي يعيشها السودانيون في العاصمة المثلثة وعدد من مدن دارفور في ظل التناقص المضطرد في الغذاء وصعوبة الحصول عليه، وارتفاع أسعار السلع بوتيرة متسارعة في ظل غياب التدفقات من المصانع التي دُمِّر معظمها وتوقف حركة الوارد تماماً.
ولفت إلى أن سكان هذه المناطق المنكوبة في حاجة إلى إغاثة عاجلة خاصة أغذية الأطفال والحليب والأدوية، مشيرا إلى توفر معلومات عن وصول إغاثة وإن الأولوية يجب أن تُعطى للمناطق الأكثر تأثراً.
وطالب المانحين بتقديم معلومات متكاملة في ظل التعتيم الكامل على هذه المنح والغياب الواضح للجهاز الحكومي المدني الذي اختفى مع أول طلقة وترك المواطنين يواجهون تدبير أحوالهم.
وأشار إلى إن توزيع الإعانات وهي ملحة وعاجلة يتطلب تكوين شبكة واسعة من المتطوعين على الأرض، واقترح أن يتعاون الجميع في هذا الأمر بشفافية كاملة، مع الاستعانة بلجان الزكاة القاعدية ولجان الخدمات والتغيير بالإضافة إلى برنامج سلعتي وثلاثتهم جهات حكومية تتيح مساحة واسعة من الرقابة.
وبين إن الأوضاع الاقتصادية القاسية التي يعيشها عدد كبير من السكان في المناطق المتأثرة بالحرب ستعمل على تغذية خطاب العنف والنهب المستمر ما يفاقم الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية.
وأكد على ضرورة الشروع في كل الالتزامات التي أعلنت من أجلها الهدنة وعلى رأسها استعادة الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتشغيل للمشافي والبدء في توزيع الإغاثة تخفيفاً لمعاناة السكان.
إلى ذلك قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الحركة الشعبية شمال، مالك عقار، أنه في إطار جهود إيقاف الحرب والتواصل مع الفاعلين الدوليين في المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي لحثهم بالعمل بفعالية والتنسيق من أجل انجاح جهود السلام في السودان، اجتمع بشكل منفصل مع كل من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي ورئيس قسم شرق أفريقيا والقرن الأفريقي بوزارة الخارجية الألمانية تورستن هوتر.
وتناولت الاجتماعات الأوضاع في السودان وكيفية العمل على حل الأزمة وإنهاء الاقتتال الذي لا يزال دائراً حتى اليوم في العاصمة الخرطوم وولاية شمال كردفان ومناطق مختلفة من إقليم دارفور.
وقال عقار في بيان أمس، أنه لفت خلال الاجتماعات إلى أن الحلول الشكلية لن تفلح في معالجة القضية وأنه قد يكون لها آثار سلبية بالغة الخطورة على المدنيين تتمثل في خلق حالة زائفة بالأمان وتدفع إلى تراخي الجهود الدولية من أجل معالجة الأزمة وإيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية.
وأشار إلى ان الأولوية الآن هي لإيقاف الحرب في المقام الأول واستعادة الأمن والأمان للمواطنين وضمان حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، وليس الحديث عن أي عملية سياسية أو نقاشات حول السلطة في الوقت الراهن. وأن هذا الهدف هو الأولوية العاجلة.
ورأى أن السودان يحتاج إلى عملية سلام جادة، مبنية على تحليل حقيقي للواقع السوداني، وان تتم داخل البيت الأفريقي تحت مظلة الآلية الرئاسية التي كونتها الإيغاد من رؤساء دول جنوب السودان وكينيا وجيبوتي وبمشاركة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وكافة الشركاء المهمومين بالسلام في السودان لتقديم الدعم التقني والسياسي اللازم، وطالب أيضاً بتوحيد كافة المبادرات المطروحة مثل مخرجات الدورة الوزارية الخاصة بالشأن السوداني بالاتحاد الأفريقي والتي انعقدت في 20 نيسان/ابريل الماضي والمبادرة الأمريكية السعودية، ومبادرة الإيغاد، ومبادرات داخلية من شخصيات سودانية، وذلك لتجنب تعدد المنابر والمبادرات في المستقبل والتي قد تؤثر سلباً على العملية السلمية.
وشدد على ضرورة الإسراع والتعجيل ببدء عملية فاعلة للإغاثة الإنسانية للسودانيين العالقين في مناطق الحرب والنازحين في شتى أنحاء البلاد واللاجئين الى دول الجوار. لافتا إلى أن التراخي في تخفيف الآثار الكارثية للحرب على المواطنين هو أمر غير مقبول.
ودعا كافة القوى السياسية والحركات المسلحة ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة والمتطوعين وكافة المواطنين السودانيين، للعمل من أجل إيقاف الحرب بشكل عاجل وقبل أن تتسبب في مزيد من الدمار والخراب في البلاد. وضرورة وضع مصلحة السودان أولا.