
السودان : حركات دارفورية تنضم لجهود الأمم المتحدة في وقف تجنيد الأطفال – تفاصيل
الخرطوم ـ «القدس العربي»: انضمت حركة «تحرير السودان» و»الحركة الشعبية» و»حركة العدل والمساواة» للحكومة وأعلنت إيقاف تجنيد الأطفال، بينما بقيت حركة دارفورية مسلحة خارج هذا الاتفاق وهي حركة عبد الواحد نور.
حركة مناوي
وأصدر مني أركو مناوي، رئيس حركة «جيش تحرير السودان» الأسبوع الماضي، أمرا رئاسيا بحظر تجنيد واستخدام الجنود الأطفال في حركته التي تحمل السلاح في دارفور وتقاتل الحكومة وتبع هذا القرار إجراء مسح للقوات حول الأطفال المجندين.
وقال مناوي في تعميم صحافي إن القرار جاء استناداً إلى التزامات الحركة عقب ورشة فنية انعقدت في أديس أبابا تحت رعاية بعثة حفظ السلام في دارفور «يوناميد» والوساطة المشتركة والإيقاد.
جهود سابقة
جهود الأمم المتحدة في إنهاء تجنيد الأطفال بدأت مع الحكومة السودانية في السابع والعشرين من آذار/مارس 2016 عندما تم التوقيع على خطة عمل تهدف إلى منع تجنيد واستخدام الأطفال من قبل قوات الأمن الحكومية السودانية.
وظلت القوات المسلحة السودانية تؤكد التزامها بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق وحماية الأطفال وأعلنت أكثر من مرة استمرارها في التشريعات التي شملت إدراج قواعد القانون الدولي الإنساني ودمج قانون النزاعات المسلحة في أوامر العمليات الحربية.
وفي ظل الاتهامات المتبادلة بين الحكومة السودانية وحاملي السلاح يشير ناشطون، إلى حملات قسرية تقوم بها الحكومة السودانية لتجنيد الأطفال تحت سن الثامنة عشرة عن طريق القوة أو الترغيب بالمال، ويقول الناشطون إن الأهالي يقومون بحملة لمناهضة هذا الفعل.
إحصائيات حكومية
وتشير إحصائيات حكومية إلى أن عدد الأطفال، الذين أعيدوا إلى مناطقهم بعد بداية عمل مفوضية بنزع السلاح وإعادة الدمج والتسريح، التابعة للحكومة، بلغ 257 طفلا لولاية شمال دارفور و200 لولاية جنوب دارفور و205 لولاية غرب دارفور و235 لولاية كسلا و140 لولاية البحر الأحمر و33 لولاية القضارف بجانب 269 لولاية النيل الأزرق.
وسبقت الحركة الشعبية شمال، الحركات المسلحة الأخرى في إعلان وقف تجنيد الأطفال في عام 2016 حيث أصدر رئيس الحركة الشعبية آنذاك مالك عقار قراراً بتشكيل لجنة لتنفيذ خطة العمل التي وقعت مع الأمم المتحدة لإنهاء ومنع تجنيد واستخدام الأطفال دون سن 18عاما في النزاعات وذلك تنفيذا لاتفاق تم توقيعه مع الأمم المتحدة قبل ثلاث سنوات.
وأصدرت حركة العدل والمساواة في 25 كانون الثاني/يناير الماضي قرارا بمنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في صفوفها. وكانت «العدل والمساواة» منعت في عام 2015 أعضاءها من ارتكاب جميع أشكال استغلال الأطفال بما في ذلك العنف الجنسي والاختطاف والقتل وبتر الأعضاء إضافة إلى الهجوم على المدارس والمستشفيات.
أحكام رادعة للمخالفين
ويحظر الأمر الذي أصدره رئيس حركة جيش «تحرير السودان» أركو مناوي، على جميع أعضاء الحركة تجنيد واستخدام الجنود الأطفال بحيث يتوجب على القادة الميدانيين لجيش الحركة نشر هذا الأمر على نطاق واسع ومتابعة تنفيذه بالكامل وارسال تقارير لرئيس الحركة تنفيذا لأحكامه.
وأبلغ القائد مناوي، حسب الأمر، ضباطه بضرورة تنفيذ كل ما يتطلبه الأمر الرئاسي وأن الفشل في ذلك يستوجب اتخاذ تدابير عقابية صارمة.
وأشار إلى أن استقطاب وتجنيد واستخدام الجنود الأطفال يشكل جريمة خطيرة يحظرها القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي العسكري للحركة.
وحسب التعميم الصحافي فإن الخطوة المقبلة هي تكوين لجنة قانونية مهمتها إجراء مسح عام لقوات الحركة بخصوص الجنود الأطفال ورفع تقريره لرئيس الحركة.
وأكدت الحركة التزامها التام بقواعد ومعايير حماية الأطفال ضد الانتهاكات في مناطق النزاع المسلحة، بما في ذلك استخدامهم كجنود والانتهاكات الجنسية والاختطاف والقتل والتشويه، وأبدت تأييدها التام لجهود الأمم المتحدة في هذا الاتجاه.
تبادل الاتهامات
وتشير التقديرات المستمدة من مسح صحة الأسرة في السودان، أن هناك 9,5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً، ويشكّل اليافعون نسبة 23 في المئة من مجموع سكان السودان.
وظلت الحكومة السودانية وحاملو السلاح يتبادلان الاتهامات في تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحروب، ووفقا لتقارير حكومية، فإن أكثر من1000 طفل تم اختطافهم من قبل الحركة الشعبية وتجنيدهم في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، اللتين تدور فيهما حرب بين القوات الحكومية ومتمردين كانوا حكاما للولايتين عقب اتفاقية السلام 2005.
تقرير أممي
ويعرض تقرير أممي تفاصيل أثر الصراع المسلح على الأطفال في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وأبيي بين آذار/مارس 2011 وكانون الأول /ديسمبر 2016.
وأورد أن القتل والتشويه والاغتصاب فظائع مباشرة تعرض لها الأطفال في مناطق النزاعات في السودان، ويضاف إلى ذلك التشرد والنزوح، ما يعني ضمنيا نقص الغذاء وفقدان الفرصة في التعليم.
وفي السنوات الخمس التي شملها التقرير قتل وشوّه حوالي 1300طفل بسبب القتال بين الحكومة والحركات المسلحة ونالت دارفور، بسبب ما تعيشه من نزاعات متعددة، الحصة الأكبر من الضحايا. ووفقا لتقرير الأمم المتحدة، فقد تعرض 372 طفلا للاغتصاب والعنف الجنسي في دارفور. وقال التقرير إنه «في معظم الحالات، تعرض الأطفال للاغتصاب أثناء الهجوم على قراهم أو أثناء جلبهم الأخشاب أو المياه في محيط مخيمات النازحين».
تقدم حكومي
وفي حزيران/يونيو 2018 أصدر الأمين العام للأمم المتحدة تقريره العالمي السنوي عن الأطفال والصراع المسلح والذي يبين محنة الأطفال في حالات الصراع في جميع أنحاء العالم. وتشمل الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال تجنيدهم واستخدامهم، وممارسة العنف الجنسي ضدهم، وقتلهم وتشويههم واختطافهم، وشن الهجمات على المدارس والمستشفيات، والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية. وسيناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التقرير في التاسع من تموز/يوليو العام المقبل.
وذكر الأمين العام في تقريره أن حكومة السودان اتخذت كافة الإجراءات الضرورية لتنفيذ خطة العمل الخاصة بإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل حكومة السودان. وأشار التقرير إلى أن هذا التقدم يأتي نتيجة للتدابير التي اتخذت في خطة العمل والتي تم تنفيذها بالشراكة مع الأمم المتحدة منذ توقيعها في آذار/مارس 2016.
وأوضح ممثل يونيسف في السودان أن الأمم المتحدة ستدعم حكومة السودان لإطلاق حملة توعية وطنية لمنع الانتهاكات ضد الأطفال وتنفيذ آلية لتقديم الشكاوى وتدريب القوات على حقوق الطفل وذلك تماشياً مع دعوة الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة لتحويل خطة العمل إلى خطة وطنية لمنع العنف ضد الأطفال.
وتبذل بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور «يوناميد» جهودا كبيرة في هذا الاتجاه، ففي21 شباط/فبراير 2016 أطلقت وحدة حماية الطفل في «يوناميد» حملة لرفع الوعي بضرورة القضاء على استخدام الجنود الصبية من قبل القوات والجماعات المسلحة وكانت الحملة في معسكر مورني للنازحين، غرب دارفور.
مخاوف من الاستخدام الخارجي
ورغم حدوث تقدم في الالتزام بوقف تجنيد الأطفال من قبل الحكومة والجماعات المسلحة (المعروفة) تزداد المخاوف، حسب التقرير بشأن تجنيد الأطفال واستخدامهم عبر الحدود من قبل جماعات أخرى من السودان وجنوب السودان. في العام الماضي 2017 اتهمت الأمم المتحدة جماعات مسلحة في السودان بتجنيد أطفال، لكنها أقرّت أن الحكومة بذلت جهوداً لمنع تجنيد القاصرين تنفيذاً لخطة عمل وقعتها مع المنظمة الدولية في اذار/مارس 2016.
وتتهم الحكومة السودانية حركات مسلحة بتجنيد الأطفال السودانيين والزج بهم في حروب خارجية كما هو الحال في ليبيا حسب متحدث لقوات تتبع للجيش السوداني. وحسب «وكالة الأنباء» السودانية فإن قوات الدعم السريع السودانية، ألقت القبض في شباط/فبراير الماضي على أحد قيادات التمرد لدى الحركات المسلحة في دارفور، وكشف مسؤول عسكري، أن القيادي في التمرد يعمل في تجنيد الأطفال، وأنه متورط في الصراع في ليبيا.
اليابان تطلق خطة طموحة
وضمن الجهود في هذا الاتجاه، أطلقت سفارة اليابان في السودان ومنظمة يونيسف مشروعا جديد يخص الأطفال المتأثرين بالنزاعات والمجتمعات المضيفة في ولايتي دارفور وكردفان.
والهدف العام للمشروع، تحسين ظروف بقاء الأطفال وحمايتهم من خلال تقديم حزمة متكاملة من الخدمات الأساسية المنقذة للحياة والتي تساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي والتواصل بين النازحين واللاجئين والفئات المستضعفة في كل من شمال، ووسط وجنوب دارفور، بالإضافة إلى ولايات جنوب كردفان. ويهدف المشروع بشكل مباشر إلى بناء الاستقرار الاجتماعي والسلام من خلال منع التوتر بين المجموعات المسلحة والمناهج الحساسة المتبعة نحو قضايا النزاع.
وفي شباط/فبراير من هذا العام، وافق البرلمان الياباني على التبرع بسخاء بمبلغ مليوني دولار من أجل مشروع الاستجابة المتكاملة للأطفال المتأثرين بالنزاع في السودان (النازحون داخليا واللاجئون والمجتمعات المضيفة) في كل من ولايات دارفور (الشمالية والوسطى والجنوبية) بالإضافة إلى ولايات جنوب كردفان والذي تصل مدته لعام. سيستجيب هذا المشروع – تحت عمل يونيسف في حالات الطوارئ وبالدعم السخي من سفارة اليابان- للاحتياجات الفورية لإنقاذ حياة الأطفال.
وعبر هذا البرنامج الذي سيستمر لمدة عام، سيتم توفير الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة العامة، والتعليم الأساسي الجيد لكل طفل من أجل ضمان بقاءه، وحمايتهم من العنف والإيذاء والاستغلال والإهمال. وذلك عبر القنوات القائمة «المرافق الصحية أو المجتمعات أو المدارس على مستوى المجتمع المضيف أو الأشخاص النازحين /مخيمات اللاجئين» لمعالجة نقاط الضعف المتعددة التي تواجه الأطفال المتضررين من حالات الطوارئ.
عبد الله الفاضل، مندوب يونيسف في السودان، أوضح أن هذا الدعم سيسهم في ضمان حقوق الأطفال، خصوصا المتأثرين بالنزاعات في المناطق المستهدفة في هذا المشروع. وأضاف في احتفال اقيم بهذه المناسبة: «بفضل هذا التمويل الجديد، ستواصل يونيسف عملها بالشراكة الوثيقة مع الوزارات التنفيذية المعنية في حكومة السودان وكذلك مع المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، لتحقيق نتائج مستدامة من خلال تقديم برامج متكاملة تضمن حماية الأطفال وتعليمهم وصحتهم وتغذيتهم كما تضمن توفير خدمات المياه والصرف الصحي. وتلبية احتياجات الأطفال الأكثر تأثراً بالنزاعات».
فجوة في تمويل البرنامج الأممي
ويمثل البرنامج القطري الحالي 2018-2021 برنامج التعاون الدولي السابع ليونيسف مع حكومة السودان حيث ستكون مساهمة يونيسف متمثلة في الجهود الوطنية التي تسعى إلى تمكين جميع الأطفال والمراهقين في السودان، تحديدا الفئات المستضعفة، من الوصول لحقوقهم كاملة في إطار شامل وبيئة محمية. وسيركز البرنامج القطري بصورة أساسية على خمسة عناصر وهي: أ) بقاء الطفل ونمائه. ب) التعليم والتعلم. ج) حماية الطفل. د) السياسة والمناصرة المبنية على الأدلة. هـ) البرمجة الفاعلة.
تجدر الإشارة إلى أن يونيسف أطلقت نداءها الأخير للعمل الإنساني من أجل الأطفال في كانون الثاني/يناير 2018 للاستجابة لاحتياجات انقاذ حياة الأطفال في جميع أنحاء السودان. ووفقا لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2018 للسودان، هناك ما يقدر بـ5.5 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، من ضمنهم2.6 مليون طفل. تصل قيمة النداء الذي قدمته منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» في عام 2018 إلى 96 مليون دولار أمريكي، تم تمويل 19 في المئة منها في نهاية آذار/مارس 2018 ما ترك فجوة في التمويل بنسبة 81 في المئة. وتقول المنظمة إنه وبدون تمويل كافٍ في الوقت المناسب وبمرونة، لا تستطيع تقديم الدعم لإنقاذ حياة الأطفال، أو الاستجابة لأزمة التغذية المستمرة أو الوصول إلى الأطفال الأكثر ضعفاً من خلال الخدمات الصحية الهامة وخدمات المياه والصرف الصحي. كما أن هناك حاجة ماسة إلى الإمدادات الأساسية للتعليم الابتدائي.
القدس العربي