السياسية

صديق يوسف: أنا شيوعي ماركسي وهي ليست عقيدة.. ولهذه الأسباب قتل قرنق

ضحكتي أثناء تنفيذ التهديد بإعدامي فتح عليَّ باب التعذيب
نحن الآن ضد ارتباط الأحزاب بالجيش ونحن من كوَّنا الضباط الأحرار

دافع القيادي البارز وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المهندس صديق يوس ، عن وجود أكثر من شخص من أسرة واحدة في الطاقم القيادي للحزب بما فيها اللجنة المركزية. ورفض اتهامهم بالتحول إلى حزب أسري أو حزب بيوتات. وقال هؤلاء ليسوا كتلة واحدة، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يبدأ أي شخص في التبشير بفكرته بشيعته الأقربين. واعترف يوسف بوجود خلافات بينهم وبين قوى نداء السودان، لكنه نفى اتهام زعيم حزب الأمة الإمام الصادق المهدي، بأنهم ينشطون في معارضة المعارضة.
واعلن يوسف في منتدى “كباية شاي” بمقر صحيفة (التيار) ليلة أمس الاول (الخميس)، تفاصيل تروى لأول مرة عن إعدام القيادي الشيوعي جوزيف قرنق في أعقاب فشل انقلاب هاشم العطا في يوليو 1971م. وقال إنَّ قرنق قتل لأسباب لا صلة لها بـ(19) يوليو، لأنه ظل وزيراً بحكومة مايو حتى صبيحة الانقلاب. وأضاف “مقتل جوزيف قرنق كان جريمة كبرى”، وذكر أن قرنق لعب دوراً مهماً في هندسة بيان 9 يونيو 1969 الذي مهد لاحقاً لتوقيع اتفاقية أديس أبابا في 1972.
وفيما يختص بفصل القيادي الشيوعي الدكتور الشفيع خضر قال :”الشفيع اختلف مع الحزب سياسياً”. وأكد أنَّ كمال الجزولي المحامي لم يفصل من الحزب، وإنما استقال من اللجنة المركزية ولا يزال عضواً بالحزب وكاتباً راتباً بصحيفة (الميدان).. وكشف يوسف عن فترات اعتقاله خلال الأنظمة العسكرية التي مرت بالسودان، حيث اعتقل لـ(45) يوماً أثناء نظام عبود ولـ(4) سنوات ونصف أثناء نظام الرئيس نميري، وأكثر من خمس سنوات في حكم الإنقاذ. والى التفاصيل:
رصد : نور الدين جادات
تجربة
في الحديث عن التعذيب أذكر في إحدى المرات وأنا في المعتقل أثناء التعذيب أخبرني الحرس أنهم قرروا إعدامي أنا والزميل يوسف حسين، وسيتم تنفيذ الحكم مساء اليوم بإعدام يوسف وأنا سيتم إعدامي صباح اليوم التالي، وطلب مني الاستعداد لذلك، وطالبني بتقديم الوصية لإيصالها لأهلي، فقلت له: وصيتي فقط أن يعرف أهلي كيف تم إعدامي، وفعلاً برغم صعوبة الأمر لكن استعديت لذلك وفي اليوم التاني تم اقتيادي وقلت له: الوصية وكنت مغطى العينين طلب مني أن أمد رجلي للإمام فكان فراغاً، فقال لي: إنها حفرة، بئر وسيكون إعدامي بالسقوط عليها وكانت بعمق متر وبها رمل وبعد سقوطي في الحفرة ابتسمت فقال لي: (كمان بتضحك) قلت له: ابتسمت لأن ذلك يعني أن يوسف حسين لم يمت، ونتيجة ذلك تم اقتيادي للغرفة وتم ضربي حتى الصباح ولاحقاً أصبحت أتحمَّل الضرب.
الخلط بين صديق ويوسف
في إحدى المرات كتبت أحد المقالات في صحيفة (الميدان) لكن بالخطأ لم يرد اسمي وكتب عليه بقلم: يوسف حسين، لكن نشرت به صورتي، فسألونا عن رأينا فيما تم فقلت لهم: أنا ليس لديَّ مانع، لكن أسألوا يوسف حسين فقال لهم: يا جماعة أنا ماعندي مانع في مضمون المقال، لكن الصورة لا، ما بقبلها فضحك الجميع.
انهيار أكتوبر
في ذكرى أكتوبر والأسئلة المتكررة ليه، فهناك تفسيرات كثيرة وهي تفسيرات منقطعة، كل حزب على حدة، لكن نحن نفتكر أن أكتوبر كان بها الاتجاهات الثورية اليسارية الأكبر والأحزاب المحافظة دورها كان أقل، فكان التمثيل وزير واحد لكل حزب والأغلبية معروفين ميالين لليسار، نحن كحزب نفتكر أن الأحزاب التقليدية شعرت بالخطورة فأرادت أن تنتهي من التيار التقدمي واليساري لشعورهم بأنه سيضعفهم كأحزاب كبيرة، لذلك سعوا لإسقاطه وذلك ما أعقبه حل الحزب الشيوعي .
كذلك كانت هناك مظاهرات الأنصار من الجزيرة أبا حتى استقال رئيس الوزراء وليس الحكومة وحدها وما نتج عنها من قمع اليسار بحل الحزب،
واستمر ذلك في 68 حيث طرح حزب الأمة الدستور الإسلامي وهو أحد الأسباب التي أدت للانقلاب، كما أسلفت لكم، لكن يبقى ذلك تحليل حزب سياسي وربما يكون الآخرين غير مقتنعين به.
نحن نفرِّق بين الإسلاميين والطائفية لأن الطائفية مربوطة بالفكر الإسلامي والحركة الإسلامية تأسست في العشرينات لكنها نشطت في الأربعينات، وحالياً يوجد لها تنظيم سياسي، لكن الطائفية موجودة منذ القدم وهي أكثر من 600 سنة، ولها ولاءات وانتماءات ولم تدخل السياسة إلا بعد دخول الأحزاب الكبرى وهي والأنصار والختمية، لكن الحركة الإسلامية تنظيم سياسي منذ نشأتها وهذا هو الاختلاف.
فيما يتعلق بانقسام عوض عبدالرازق فهو قد طرح رؤيته بالأسباب التي ذكرناها بأن السودان لايمكن فيه قيام حزب شيوعي وفق مايحدث وغيرها من المسببات، لكن تم إجازة الأمر بالأغلبية لذلك كان عليه الانصياع للرأي الأغلب ومخالفته وضعته خارج الحزب، وبالتأكيد هناك قيادات كبيرة مثل علي التوم وزير الزراعة وغيره، لكن للتاريخ والأمانة أي خلافات حصلت كانت العلاقات بين الناس كأشخاص مستمرة ولم تنقطع إطلاقاً ولا تودي لخلافات شخصية وكل المجموعة التي خرجت لم يعاديهم أي شخص إطلاقاً واستمرت العلاقات السياسية مستمرة وهذه هي ميزة الشعب السوداني وليس الحزب الشيوعي فقط.
بعد الانقلاب العسكري الحزب الشيوعي كان له عسكريين وجاء ذلك على خلفية الثورة في مصر التي قام بها جمال عبد الناصر والحراك السياسي في العالم العربي، حيث كانت كل الأحزاب السياسية اتجهت لعمل مواقع داخل الجيش بين الضباط العسكريين، والحزب الشيوعي دعا لتنظيم الضباط الأحرار مع العلم أنهم جميعهم غير شيوعيين، لكن الدعوة أطلقها الحزب وكان لهم الدور الكبير، كل ذلك التأثير كان لما لعبه الضباط السياسيين في سوريا والعراق ومصر وغيرها، وهو ماجعل الأحزاب تتجه لذلك، لكن الآن نحن ضد الأحزاب السياسية التي لديها ارتباط مع الجيش ونحن ليس لدينا عسكريين، إذا كانت الأحزاب الأخرى لديها نحنا ما عندنا، لكن كما ذكرت في السابق كل المنطقة كان لديها هذا الاهتمام.
المحاكمات كانت حقيقية، لكن يقال إن نميري كان يعرض عليه الحكم فيطالبهم بمراجعته عدة مرات حتى جاء الحكم الأخير بالإعدام، الأكثر ظلماً هو إعدام جوزيف قرنق فهو حتى 19 يوليو، كان وزيراً في حكومة نميري وهو تم اعتقاله ومحاكمته وكان عضواً مؤثراً في الوصول لاتفاقية أديس أبابا بعمله الكبير لأجلها، فهو من قام بالأساس التمهيدي لوثيقة 9 يوليو 69 وكان البيان الذي أصدره واللقاء في 72 ، وقتله ليس له أي دخل بالانقلاب، لأنه لم يكن له علاقة به، وقتله جريمة كبيرة جداً.
بقيت شيوعي ليه؟
في الحقيقة أول من عرفنا بالحزب الشيوعي هو النضال ضد المستعمر، فالشيوعيون كانوا أنشط تنظيم ضد المستعمر، ونحن لم ندخل الحزب بعد قراءة النظرية فهي قد قرأناها بعد دخول الحزب، لكن الجاذب لنا هو دور الحزب في تلك المرحلة، مع العلم أن في تلك الفترة كانت الكتب نادرة، ولم يكن الشيوعيون ينظرون إلى هذه النقطة، بل كانت النقاط الأساسية مايطرحه الحزب الشيوعي للتغيير وهو ما لعب دوراً في تكوين النقابات والحركة النقابية، فنحن من كوَّنا تقابة السكة الحديد وكان قاسم أمين، الجزولي سعيد والشفيع أحمد الشيخ هم مؤسسي الحركة النقابية، وكان الحزب قد كرَّس النشاط حول المرأة وكوَّن الاتحاد النسائي وكانت أول قيادية هي خالدة زاهر وهي شيوعية ولعبت دوراً كبيراً في تأسيسه، كذلك الحزب كوَّن حركة الشباب وهو كان يهتم بالعمل العام والعمل النقابي كجمعية الشباب والمرأة وهو ما جعله جذاباً في تلك الفترة، أنا ماركسي -طبعاً- والماركسية فلسفة ممكن تقرأها زي أي كتاب كتبه زول، والماركسية ليست عقيدة، بل هي مجرَّد دراسة للوضع الموجود في القرن التاسع عشر، الذي عاش فيه ماركس، بدراسته و الرأسمالية أساس الاجتهاد به، أما مايخص الأدب المادي فهو قد ذكر أن المحرِّك الأساسي للسياسة هو الاقتصاد وكان ينظر للتطوُّر التاريخي في الوضع الاقتصادي، وأعود للمادية الجدلية وهي النظرة الفلسفية، فأنت لو أردت دراسة العلوم الطبيعية هي المواد الأساسية لايمكن أن تنظر لأي ظاهرة بتحليلها أو دراستها إلا بالمادية .
هجوم الشيوعيين
هناك وثيقة خرجت في اجتماع الحزب الأخير عن الوضع السياسي وهي تتحدث عن دورة الحزب الشيوعي في مقدمتها طرحت الوضع العالمي وكيفية الخروج من أزمات البلاد، فكان المخرج إلا عبر تطبيق الاشتراكية وهي لا تتم إلا عبر نظرتنا البعيدة للمستقبل بتموين جهة تضم كل أفراد الشعب المعادية لهذا النظام،
اللجنة نظرت للظروف من ضمنها في ظروف البلدان المتخلفة وتأكد أنه لا يمكن الوصل للاشتراكية إلا عبر عدة مراحل، مرحلة التطور الديمقراطي ولا بد من وضع ديمقراطي، فالوثيقة نصت على فترة الحكم الوطني الديمقراطي بحسب البرنامج الحالي لإقامة حكومة وطنية ديمقراطية لابد من الإطاحة بهذا النظام.
في الحقيقة هناك خلافات بيننا ونداء السودان وهناك اتفاقية وقعت في يوليو 2012 في دار الحزب الاتحادي تتحدث عن البديل الديمقراطي وأجمعت حول فترة انتقالية لـ(4) سنوات، نص بها كيف يحكم الخلاف بعد إطاحة هذا النظام، لكن خلافنا في الكيفية فهم يفتكروا أن المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي وهو طريق مسدود وجربناه ولا يمكن الإطاحة بهذا النظام إلا عبر عصيان مدني أو ثورة أو إضراب عام، لكن كل الطرق الأخرى جرِّبت، وهذا الاتفاق شامل بين كل الحركات السياسية، ونحن لا نهاجم الأحزاب المعارضة كما ذكرت لكم هي نقاط خلاف في كيفية إسقاط النظام وليست في جوهر الاتفاق، فنحن نناضل معاً وظللنا ننادي بضرورة تكوين أكبر جبهة لمعارضة النظام.

التيار

المصدر
التيار

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى