
لا صليح لنا اليوم ولا دول شقيقة بعد الحرب (١)
الجريدة – محمد آدم بركة
تعلمنا في هذه الحرب أن هناك ما هو أقسى من الرعب ودوي المدافع ورعد الطائرات الحربية المقاتلة، تعلمنا حقيقة أن هناك ما هو أقسى من الموت والفقد وهجر الديار، وجل الأوجاع التي عاشها المواطن السوداني مع ويلات الحرب اللعينة التي أوقدها الساسة والجنرالات بوصاية دول الأشقاء (الجوار) هناك ما هو أقسى وأمر، فالحقيقة الماثلة أن اليوم لا دولة صديقة من دول الأشقاء الذين كانوا يدعون ذلك.
فقط تظل دولة جنوب السودان هي الأقرب لنا رحما ورحمة على قلوبنا رغم عناء الدخول إليها، فلا ملاذ اليوم آمن غير جنوبنا الذي لفظناه عنا وصمتنا كشعب على فعل الساسة ومطامعهم.. صمتنا وجزء من جسدنا يبتر أمام أعييننا.
في واقع الحال والذي لا نستطيع نكرانه مصر يكفينا منها شعبها الطيب، لقد ظل ينادي بفتح الحدود دون قيود في وجه أشقائهم السودانيين، ولكن نداء الخلص من بني الشعب المصري لا أذن صاغية لهم، وبات الحصول على التأشيرة لدخولها أشبه بالمحال، كأن مصر تحاول تجحيم دخول السودانيين بعد دخول الآلاف وهو ما أصبح واقع لا يخفى على أحد، مصر لا تريد المزيد من السودانيين في أراضيها، يكفيها تلكم الآلاف الذين استقروا فيها، كما يكفيها أيضاً الآلاف الذين عبروا بها إلى دول غيرها، لذا أصبحت تتذرع كل يوم بقرار يعقد أمر الدخول مما كان عليه.
مصر نحترم سيادتها ولكن يجب أن تكون لنا وقفات مصيرية حول التعامل الذي فرضته الدولة بتسليط دبلوماسيتها بالمماطلة في شأن إجراءات الدخول التي باتت معقدة وتتجدد كل يوم بإذلال لا مثيل له، مرضى وحالات إنسانية قاسية وسيدات كبار في السن أعادتهم من بوابات معابرها في أشكيت وأرقين، فمصر اليوم لم تعد أخت بلادي الشقيقة ولكن شعبها باق على ذلك.
إثيوبيا أيضاً أغلقت بابها في وجهنا تماما، لا دخول إلا لمن يمكلون التأشيرات لدول أخرى يمكنهم دخولها للعبور بها لدولة غيرها من خلال تأشيرة (ترانزيت) لمدة شهر واحد، رغم أن دخول اللاجئيين لها مفتوح وفق السياسات والاتفاقيات المعطلة في الخفاء ولكنه معقد جداً ونحن الذين فتحنا لهم حدود بلادنا السودان في سابق الأيام لدواعي الجيرة واحترام المواثيق الإنسانية المتعارف عليها حينما اندلعت الحرب هناك قبل أشهر قليلة، آلاف الاثيوبيين استقبلتهم بلدنا دون أن تنتهك حقوقهم وبلا إذلال يجافي حقوقهم في مثل هكذا ظروف.
بقية دول الجوار إما تحيط بها الحروب الداخلية التي تشغلها عن أي اهتمام آخر (الفيهم مكفيهم) أو يستعصى الوصول لحدودها أو تجدها ضربت حصنا من التعقيدات لا يعرف الإنسانية ولا يتسق مع المواثيق والأعراف الدولية في طبيعة التعامل في مثل الظروف التي يعيشها أهل السودان، لم يعد لنا صليح أو نصير من هذه الدول الجارة.
علينا أن نعي الدرس ونعيد ترتيب سيادة بلادنا بما يكفل لنا الاحترام.
نواصل
لا_للحرب
نعمللسلموالسلام
على وعد الخير نلتقي
الجريدة