
تفاصيل صادمة بشأن تهريب الذهب .. إتهامات للبنك المركزي والوزير يدافع ويعترف – شاهد
تبارى نواب البرلمان في كيل الاتهامات إلى الجهات المختصة في القضية التي أرهقت الحكومة طويلاً والتي تتمثل في تهريب الذهب، وأزاحوا الستار عن معلومات تذاع لأول مرة عن أسرار تلك العمليات الغامضة، ووجهوا أصابع الاتهام لبنك السودان المركزي بأنه يتبع سياسة تشجع على تهريب الذهب، لأنهم لم يطرحوا أسعاراً مجزية لشرائه.
في المقابل اعترف وزير النفط والغاز والمعادن، أزهري عبد القادر بوجود عمليات تهريب وصفها بـ (الكبيرة) للذهب، وقال: “إذا قال أحد لا يوجد تهريب للذهب يكون كاذباً”، وغضون ذلك مرر البرلمان في جلسته بالأمس الأربعاء، بالأغلبية رد الوزير حول سؤال يتعلق بتهريب الذهب في ولاية طرفية عبر عربة دستورية، الذي أسقطه الأعضاء في الدورة السابقة وأحيل للجنة المختصة بالبرلمان.
سؤال ورد..!!
قالت وزارة النفط والغاز والمعادن إنه لا يوجد في سجلات إداراتها أية معلومة عن عملية تهريب للذهب بواسطة عربة دستورية. وكان البرلماني بكري عبد الله سلمه دفع بسؤال للوزير في الدورة الماضية بشأن حديث يدور في نطاق واسع بأن ولاية طرفية قامت بتهريب كمية مقدرة من الذهب بعربة دستورية، ولكن في حينها لم يفلح الوزير في الرد على السؤال، واسقطه الأعضاء، وتمت إحالته للجنة المختصة، التي دفعت بتقريرها الذي أجازه النواب، في جلسة الأمس بالأغلبية.
ضوابط وإجراءات
فيما أوضح رئيس لجنة الطاقة والتعدين السماني الوسيلة، أثناء تلاوته للتقرير بأن هناك ضوابط وتدابير وإجراءات للمنتج من الذهب بالنسبة للشركات، وتوجد مكاتب إدارية ومراقبين دائمين من مسوبي الوزارة بمواقع عمل الشركات، بجانب وجود أجهزة أمنية، ولفت إلى أن لجنته ترى ضرورة تفعيل وحصر آليات مراقبة ورصد إنتاج الذهب خارج الأسواق.
“من يقول لا يوجد تهريب كاذب”
من جهته، اعترف الوزير أزهري عبد القادر بوجود تهريب كبير للذهب، قال: “إذا قال أحد لا يوجد تهريب للذهب يكون كاذبا”، مشيراً إلى أن شركات الامتياز تنتج “15%” من الذهب بينما للمعدنين التقليدين “85%” من أنتاج الذهب الكلي.
التهريب سببه السعر
وأرجع الوزير تهريب الذهب إلى عدم وجود سياسات و سعر مجزٍ للمعدنين في بيعه، وقال: “لا يمكن أن أقنع أحداً ببيع سلعته في الداخل بسعر قليل وهي في الخارج بسعر أعلى”، مؤكداً السياسات الجديدة التي وضعها المركزي لشراء المنتج سوف تحد من التهريب، وجزم بعدم علمه بوجود شركات امتياز تهرب الذهب للخارج، وأضاف: “إذا كان هذا موجوداً أرجو إفادتنا بالشركات التي تهرب الذهب”.
نحن لسنا ضد التعدين الأهلي
وقطع الوزير بعدم محاربتهم للمعدنين الأهليين، وقال: “نحن لسنا ضد التعدين الأهلي ولكننا نريد أن نقننه وننظمه”، وأعلن عن تأييدهم قيام بورصة للذهب في البلاد، مشيراً إلى أن قيام البورصة سوف يساعد في حصر إنتاج الذهب، وأفصح عن إجازة البورصة كفكرة ومشروع في مجلس الوزراء، وإحالته إلى وزارة التجارة، وشدد على ضرورة وضع قانون ينظم عمل البورصة.
انتقادات للمركزي ..!!
بالمقابل، صوب برلمانيون جملة من الانتقادات اللاذعة لسياسة بنك السودان المركزي في شراء الذهب، وقالوا إنها غير مشجعة، بجانب أنها سبب رئيسي في تهريبه للخارج، مطالبين بتعديل تلك السياسات. وقال البرلماني عبد الرحيم عيسى، إن السياسة التي تبناها المركزي للمعدن غير مشجعة، تمثل سبباً أساسياً في تهريبه.
دعم الذهب بدلاً عن القمح
فيما طالب النائب علي أبرسي، الحكومة بدعم الذهب بدلاً من القمح، لأن سعره مجزٍ ويغطي عملية الزيادة في طباعة النقود، وأضاف: “الذهب يعمل غطاء للعملة التي تطبع ليلاً ونهاراً”، وتحسر أبرسي لعدم وجود تحسن في تقليل التهريب على خلفية السياسات الاقتصادية الأخيرة، وقال: “أعتقد إن بعد السياسات الجديدة ما نسمع بكلمة تهريب لكل السلع بما فيها الذهب”، وفي السياق، أوضح البرلماني فتح الرحمن فضيل بأن واحداً من أسباب تهريب الذهب تتمثل المعابر، مطالباً بضبطها، وقال :”طرق تهريب الذهب اختلفت، لأن هناك مسافرين يحملون معهم ذهباً بطرق ملتوية”.
تهريب ذهب مختوم
كشف البرلماني حسن علي “دكين”، معلومات جديدة بشأن تهريب الذهب، وقال إن المعدن الذي يهرب عبر المعابر ذهب مختوم من مصفاة بنك السودان المركزي، ووصف هذا التهريب بـ (الخطير). وطالب دكين المركزي بالحرص على الذهب، ونوه إلى وجود جهات تقف خلف إنشاء بورصة للذهب بالبلاد لم يسمها، بالرغم أن البرلمان أوصى كثيراً بذلك.
الضوابط كلام في الهواء..!!
كما كشف رئيس لجنة الصناعة والتجارة بالبرلمان عبد الله مسار، عن تهريب شركات الامتياز للذهب وأضاف قائلاً: “الشركات إنتاجها يهرب وليس هناك ضوابط”، موضحاً أن إنتاج الذهب بشكله الحالي لا يذهب لمصلحة الدولة وإنما لأشخاص محددين، موضحاً أن التهريب يتم في منافذ معروفة وليس في مناطق مجهولة، وقال: “لا يوجد ضوابط، وما يقال كلام في الهواء”، مطالباً بمراجعة منح التصاديق للتعدين التقليدي لجهة أن به تعقيدات.
الحكومة تظلم الناس
من جهته قال رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان الطيب مصطفى، إن الحكومة في السابق كانت تظلم الناس “ظلماً شديداً” وطلب من المعدن أن يبيع لها ذهباً يملكه بسعر متدنٍ وإذا لم يبع تجرمه، و أضاف: “إن المشكلة جعلت المنتجين لا يجدون الذي يشتري منهم الذهب”، وتساءل مصطفى: لماذا لا يفوض بنك السودان موظفي وزارة المعادن لشراء الذهب؟، و لماذا التضييق على المعدنين الأهليين؟، كاشفاً عن دول مجاورة تدفع سعراً أعلى من سعر المركزي، مطالباً بإيقاف التضيق على المعدنين التقليديين.
تهريب في الحدود المصرية والإريترية ..!!
في ذات وقت، كشف النائب مبارك عباس عن مهربين للذهب بالحدود مع مصر و إريتريا، وسعر الذي يشترون به الذهب أعلى من المركزي، موضحاً ان فرق السعر في العشرة كيلو (2) مليون دولار، وقال عباس إن الجهات النظامية تصادر مفاتيح الآليات في حال وجود مخالفات أو المعدن لم يسدد بعض الرسوم، واصفاً هذا السلوك بـ (غير مناسب). مشيراً إلى إن هناك طرقاً أخرى لعقوبة المخالفات في حال عدم الدفع، موضحاً أن التعدين الأهلي يحتاج إلى تطوير و تأمين. ومضى عباس، قائلاً: “وزارة المعادن لا تقدم للتعدين الأهلي مثلما تقدم للشركات بالرغم إنه ينتج 90% و الشركات تنتج 4 ونص طن فقط”.
الذهب لم يأتِ بالخير
من جانبه، قال النائب أبو طالب الشيخ إن 80% من إنتاج الذهب يهرب عبر مطار الخرطوم، مضيفاً: ” الذهب دا ما جاب لينا خير، جاب لينا شر بس”، موضحاً أن ضعف السيولة الذي حدث مؤخراً سببه المعدنين، كاشفاً عن وجود مافيا وراء الذهب، وان (50) مليار دولار من موارد الدولة توظف ضده.
موظفو المركزي يجنبون الذهب
بالمقابل، اتهم رئيس لجنة النقل بالبرلمان محمد أحمد الشائب موظفين في بنك السودان بتجنيب الذهب وتهريبه للخارج، وقال إن موظفي البنك يشترون الذهب من المعدنين ويجنبونه، يقدمون للمركزي “30%” فقط أما الباقي يهرب لصالحهم، وطالب الشائب بجعل الإشراف والرقابة والمتابعة للمعدنين التقليدين يدار بواسطة جمعيات وشركات على أن تكون البنوك التجارية جزءاً منها، وأضاف: “بذلك نضمن أكبر قدر من المتابعة للذهب”، مؤكداً أن الذهب يهرب بسبب ضعف الجانب الرقابي، وقال إن الموظفين والوكلاء الذين يبعثهم المركزي لشراء الذهب “نحس فيهم كمية الفساد الذي أصاب النفوس”.
التيار