مقالات وآراء

زهير السراج يكتب تجربتي فى بلاد العم سام !!

الكاتب زهير السراج

* من الشموس السودانية المشرقة فى الخارج الشابة (رُبى عبدالفتاح)، التى حصلت على الدكتوراة من جامعة أيوا وتعمل الآن باحثة فى جامعة ولاية نيومكسيكو بالولايات المتحدة بالاضافة الى إدارتها لعمل خاص فى مجال المستحضرات الصيدلانية النباتية التى تقوم بعرضها على (الفيس بوك) وتحظى باهتمام ومتابعة الكثيرين .. تعرفت عليها من خلال صفحتها الدسمة، ووجدت فيها نموذجا للإنسان والشاب السودانى العصامى الناجح، فدعوتها للكتابة عن رؤيتها للشاب الامريكى ومقارنته بالشاب السودانى، فاستجابت مشكورة .. أرجو أن نستفيد من حديثها، والفرصة متاحة للجميع للتعليق والتعقيب، مع كل المحبة والاحترام !!

* لي عظيم الشرف بتلبية دعوة الدكتور زهير السرَّاج، لسرد تجربتي في بلاد العم سام، وتلخيص عصارة ما استفدته في فترة الاحد عشرة عاماً التي قضيتها في امريكا، وتوجيه رسالة للشباب بناء علي احتكاكي المباشر مع الشباب الامريكي في الجامعات الأمريكية كطالبة اولا، وكباحثة اعمل في واحدة من اسرع الجامعات الامريكية نموا.

* من المفارقات ان تسود بيننا كسودانيين فكرة ان الشباب الامريكي شباب (هايف منحل)، كل همه لبس البنطلون الناصل والجرى وراء الملذات ووووووو. وبعد انتقالي لامريكا في منتصف 2007 ، اكتشفت (حاجة تانية) تماما عن الشباب الامريكي.

* عرفت من خلال تجربتي، ان الشباب الامريكي شباب مجتهد وناجح جدا، والدليل علي ذلك ان امريكا اكبر قوة اقتصادية علي وجه الارض، والفضل يعود للشباب، واهتمامه المتواصل بالتعليم واكتساب مهارات وخبرات إضافية كل الوقت !!

* المقصود بالتعليم ليس فقط التعليم الاكاديمي النظامى وحسب، ولكن ايضاً التعليم خارج الاطر الاكاديمية وغرس المباديء الحميدة فى النفس وجعلها عادة يومية، وأولها مبدأ تحمل المسؤولية الفردية الكاملة، وعدم تعليق الأخطاء علي شماعة الظروف!!

* في امريكا يتحمل معظم الطلاب الجامعيين تكاليفهم الدراسية، اقل من (20 %) فقط من طلاب الجامعات والمعاهد يحصلون على مساعدات مادية من ذويهم لدعم دراستهم، بينما يتحمل ال 80% نفقاتهم الدراسية، إما بالعمل في الاجازات واوقات الفراغ .إلخ، او أخذ سلفة من الحكومة يسددها الطالب بعد التخرج، ولذلك ومن منطلق المسؤولية الفردية تجد نسبة قليلة جدا من الطلاب ترسب في مادة او تعيد السنة الدراسية كما يحدث بصورة كبيرة في بلادنا الحبيبة. لو تحمل الطالب الجامعي في السودان مسؤولية تكاليف دراسته لكان الوضع مختلفا تماما عن الوضع الحالى!!

* القبول لمعظم الجامعات في امريكا مثل (هارفارد وكورنيل وييل) لا يتم حسب المعدل الاكاديمي وحسب (او علي قروشك البتدخلك قبول خاص)، بل يعتمد بصورة كبيرة علي الخدمة المجتمعية والروح القيادية والتأثير الاجتماعي للطالب، لذلك تجد طالب الثانوية يقضي فترة الاجازة الصيفية في التطوع للاعمال الخيرية، وفي تطوير كفاءته القيادية (بالاشتراك في الكشافة مثلا)، والعمل علي اكتساب مهارات جديدة تنمي قدراته العقلية والجسدية والسيكلوجية.

* من جهة اخري، فإن نسبة لا يستهان بها من الطلاب عندنا، قد تذهب الي الجامعة كاداء للواجب، وهنالك نسبة كبيرة من الطلاب قد لاتدري محتوي المادة الدراسية إلا قبل الامتحان النهائي بايام معدودة. معظمهم قد يعزي عدم اكتراثه بالمعدل الاكاديمي إلي عدم توفر الوظائف للخريجين، او ان الاولوية للحصول علي الوظيفة (للعندو واسطة)، وقد تمثل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلد حاليا مبررا آخر للتراجع الاكاديمي، مع العلم ان اسلافنا كان يدرس علي لمبة الفانوس، وقد خرج منهم الاطباء والمهندسون وكبار المحامين واساتذة الجامعات، ليس فى السودان وحسب، وانما فى العديد من دول العالم، كبريطانيا وأمريكا!!

* صحيح أن الأحوال فى السودان متردية الى أبعد الحدود ولا تقارن بأمريكا وإمكانياتها الواسعة، ولكن ليس من المنطقى أن يكون ذلك مدعاة للكسل وعدم الاجتهاد، والانشغال الخرافى بسفاسف الأمور، واهدار الوقت فى متابعة الأشياء الإنصرافية على مواقع التواصل، رغم أنها مليئة بالمفيد والمثمر الذى لو احسن الشخص استغلاله لوجد فيه كنزا هائلا من المعرفة ونهرا عذبا لا ينضب .. وعلى سبيل المثال، فإن الكثير من هذه المواقع يمكن أن ترشد الشخص وتفتح له الطريق للحصول على منحة للدراسة فى أفضل الجامعات فى العالم، وعلى الأخص فى الولايات المتحدة لو تعامل معها الشخص بما يكفى من الجدية والصبر، كما أنها تُيسر له متابعة ما يجرى فى العالم لحظة بلحظة، والاطلاع على تجاربه وثقافاته وتطوراته بما يجعله صاحب ثقافة عالية ومعرفة ودراية، وتغرس فيه الطموح للإقتداء بالآخرين !!

* نحن فى حاجة ملحة لتغيير نظرتنا للواقع، والاستفادة مما يحدث حولنا، خاصة مع ثورة التكنلوجيا التى أتت بالعالم الى سرير نومنا ..
أبارك في الناس أهل الطموح ** ومن يستلذ ركوب الخطر
وأعلن في الكون أن الطموح ** لهيب الحياة وروح الظَّفر
(ابوالقاسم الشابى)

رُبى عبدالفتاح
باحثة، جامعة نيومكسيكو، الولايات المتحدة

تعقيب:
الفرصة مفتوحة للجميع، للتعليق والتعقيب.

الجريدة

المصدر
الجريدة

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى