مقالات وآراء

عثمان ميرغني يكتب وزير ما شافش وزارة..!!

الكاتب عثمان ميرغني

الدكتور عبد الله حمدوك ملأ الوسائط الأسفيرية وأحاديث المجالس خلال اليومين الماضيين.. الغموض الذي شاب موقفه من تسميته وزيراً للمالية جعله محط أنظار وتخمينات الجميع.. إلى أن أعلنت مصادر الأخبار الرسمية اعتذاره عن المنصب..

أما السيد ناجي شريف؛ الوزير الآخر الذي لم يرَ الوزارة.. فقد اختار وسيلة أسرع لإشهار اعتذاره عن منصب وزير الدولة بالمالية، كتب كلمات رقيقة لكنها حاسمة لم تترك أية مساحة للتداول والتأويل..

هذه الاعتذارات بعد إعلان التشكيل الوزاري رسمياً أثارت تساؤلاً مهماً.. هل يعني ذلك أن بقية الوزراء الذين قبلوا المنصب مروا بالتجربة ذاتها.. أعنى أنهم سمعوا بأسمائهم في البيان الرسمي ثم قبلوا المنصب.. ولم يكن هناك أي تشاور بأي مستوى قبل إذاعة الأسماء؟..

هنا ترتفع علامات استفهام أخرى.. إذا كان الوزراء يختارون بعيداً عن استشارتهم المسبقة فكيف علمت الحكومة وتيقنت من قناعتهم بالخط السياسي الأساسي للحكومة؟ فضلاً عن موافقتهم على تولي المنصب؟

وتبدو الصورة أكثر قتامة في حادثة سابقة.. عند إعلان التشكيل الأول لحكومة “الوفاق الوطني” في مارس 2016، إذ ورد فيها اسم الدكتور أبوبكر حمد وزيراً للعدل..

وقبل أن ينفض المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء آنئذ الفريق أول بكري حسن صالح إذا بالأسافير تنفجر بموجة من التشكيك في المؤهلات الأكاديمية للوزير، ثم على استحياء وفي لحظة أداء القسم الدستوري يتولى موظفو القصر سحب الوزير وإبعاده من مراسم الاحتفال الرسمي..

ليظل المنصب شاغراً عدة شهور بسبب اعتذارات أخرى.. وأخيراً يسند للدكتور إدريس جميل لكن سرعان ما يغادره ليتولاه الوزير الحالي مولانا الدكتور محمد أحمد سالم الذي كان على شفا مغادرة مبكرة في هذا التشكيل الأخير..

أما منصب وزير الدولة بالإعلام فهو قصة أخرى.. ظل شاغراً إلى عهد قريب، ربما قبل إعلان هذا التشكيل الأخير ببضعة أيام.. بعد أن عانى من قائمة اعتذارات طويلة..

في تقديري إن الأمر ليس مجرد عزوف واستنكاف عن المنصب الدستوري الفخيم، فقد انحنت له قامات كثر من قبل بل وتوسلوه بلا استحياء..

لكن يبدو إن سرعة التبديلات في المناصب الدستورية، مع غياب الحيثيات التي تمنح المنصب قدراً من التوقير المؤسسي جعلت كثيرين يرصدون حسابات الربح والخسارة بحساسية أكثر..

فالسائد في العقل الشعبي الآن إن من يقبل المنصب فهو من أجله وأسرته الأقربين ولا علاقة له بمصالح الناس.. ويوم يخرج منه تتبعه الشماتة..

ونظرة سريعة الآن لقائمة الوزراء المغادرين تبرهن على ذلك.. فمنهم من لم يكمل شهره الثالث في المنصب.. ومنهم من لم يحتفل بالذكرى الأولى لتنصيبه.. دخلوا الوزارة بلا حيثيات ودون حتى استشارتهم.. وغادروها أيضا بلا حيثيات ودون حتى مجرد كلمة شكر..

يجدر الاقرار بأن القوة الطاردة في المناصب الوزارية باتت أقوى من الجاذبة..

التيار

بواسطة
الكاتب عثمان ميرغني
المصدر
التيار

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى