مقالات وآراء

اشرف عبدالعزيز يكتب عن تشكيلة الحكومة الجديدة : هذي الضجة الكبرى علامَ !!

الكاتب اشرف عبدالعزيز

ما أن أعلنت تشكيلة الحكومة الجديدة، حتى بدأت التعليقات تترى والأحكام المسبقة تتطاير من كل حدب وصوب ، أكثر ما استوقفني هو الشماتة الضاربة بأطنابها من قبل المعارضين والنشطاء بأن وزير المالية الذي وقع عليه الاختيار الخبير الأممي عبدالله حمدوك اعتذر ولن يلوث سمعته بالمشاركة في هذه الحكومة التي قامت بفصله للصالح العام بحجة أنه عضو بالحزب الشيوعي السوداني.

وإذا سلمنا جدلاً أن حمدوك لا علاقة له بالإنقاذ ومن أوائل المشردين من الخبراء في مهادها الأول، والآن بعد أن فشل كل طاقمها الاقتصادي من لدن عبدالرحيم حمدي إلى الركابي وعادت إلى صوابها وتراجعت وطلبت من الرجل أن يشارك في حل الأزمة الاقتصادية هل ذلك من مصلحة المعارضة أم ضدها؟

ليست هذه هي المرة الأولى التي تلجأ فيها الحكومة لهكذا خبرات كانت قد نكلت بهم ومزقتهم شر ممزق، ولعل محاولتها السابقة لاستقطاب د. مضوي إبراهيم للمشاركة في صفوفها وإن باءت بالفشل فهي لم توقف مدها في المواصلة وها هي تواصل مجدداً مع حمدوك.

بالرغم من اليأس والقنوط والإحباط الذي أصاب الشعب السوداني بإعادة ذات الوجوه القديمة إلى كراسي السلطة وإعادة تدويرها مرة أخرى إلا أن اختيار معتز لحمدوك فيه ومضة مشعة بأن الإنقاذ وجدت بعد انسداد الأفق حولها أنه لا بد من طرق الأبواب الأخرى وهذا لم يكن متوفراً في العقلية السابقة من حيث الأساس.

الحكومة تدرك جيداً، بل قالها الركابي على الملأ إنها فشلت في الحصول على تمويل أو هبات جديدة من الدول الصديقة، وبالتالي إعادة الثقة تحتاج إلى رجل محنك مشهود له بالكفاءة والنزاهة قادر على تحريك الجمود وتنفيذ السياسات التي من شأنها التقدم بالاقتصاد الى الأمام.

الأوفق بدلاً عن كل هذا الضجيج هو إقناع حمدوك بالعمل من أجل مصلحة الشعب السوداني، ولكن يجب أن لا يكون مطية أو (شخشيخة) في يد الحزب الحاكم، بل يدير الوزارة بشفافية وصدق ولا يصرف الأموال إلا في موضعها ويقطع الطريق على كل الانتهازيين والآكلين في كل الموائد وإن كانوا من المحاسيب والموالين، ويجب أن يفطم كل الواجهات التي ترضع من ثدي الدولة ويصرف عليها المليارات من أموال المواطنين.

وقبل كل هذا عليه أن يقدم خطته للإصلاح الاقتصادي للشعب السوداني ويكشف عن كل أماكن الخلل والقصور ويبعد عن (الغتغتة)، ويتبنى سياسات تقشفية تجاه التنفيذيين وفي مقدمتهم القطاع السيادي وليبدأ بمؤسسة الرئاسة ما دام أن الرئيس البشير نفسه هو الذي مهد لهذه الخطوة بتقليص الحكومة.

قبل أن يجلس على كرسي الوزارة هو أم غيره، يجب أن يدرك أن الأزمة الاقتصادية الحالية هي أزمة سياسية في المقام الأول وما لم ينصلح الإطار السياسي لن تتعالج هذه الأزمة بالطعن في ظل الفيل مثل سياسة امتصاص السيولة وغيرها، وإنما بتقديم تنازلات مؤلمة من الحكومة توقف الحرب وتحقق الاستقرار الوطني.
الجريدة

بواسطة
الكاتب اشرف عبدالعزيز
المصدر
الجريدة

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى