مقالات وآراء

د ناهد قرناص تكتب التطبيع ..وأشياء اخرى

قرأت مكتوبا يبعث على الابتسامة يقول ان الرجل السوداني يفرح وتنفرج اساريره اذا ناديته بالقاب مثل التمساح ..الدود ..الاسد النتر ..النمر ..الخ ..الخ ..لكن اذا اخطأت وناديته بحيوان ..تجده يتحسس مسدسه تلقائيا ..كذلك المرأة السودانية يمكن ان تناديها باليمامة والحمامة ..البلوم في فرعو غنى ..والعصفورة ..والكناري ..لكن يا ويلك ويا سواد ليلك لو قلت لها (طيرة) ..الشاهد في الامر ..ان تغليف الاشياء يسوقها افضل اما اطلاق المسميات الحقيقية كثيرا ما يؤدي الى التهلكة.
استمعت لحديث للسيد حمدان دقلو عن التطبيع مع اسرائيل ..وهو يقول ( ان الأمر ليس تطبيع ولكنه علاقات )..ولا ادري حتى كتابة هذه السطور ما هو الفرق بين العلاقات والتطبيع ..ما التطبيع علاقات والعلاقات تطبيع ..والفول من الطعمية والطعمية من الفول ..والطريف في الموضوع ان كل الدول حولنا لها علاقات مع اسرائيل ..حتى الفلسطينين انفسهم اسياد الجلد والرأس لهم اتفاقيات تنظم العلاقة مع اسرائيل ..اغلب الدول العربية لها علاقات واضحة مع اسرائل ..لكن اذا سرت اخبار عن قرب التطبيع بين الخرطوم وتل ابيب ..تنهال علينا اللعنات من كل جانب ..وهذا ما يحيرني فعلا ..لكن ليس هذا هو المهم ..المهم فعلا اننا كشعب سوداني في حوجة لمناقشة امر العلاقات السياسية بين السودان وأي بلاد اخرى بمنحى عن التعاطف والتآلف السكاني لان كل يصب في قناة مختلفة .
خذ عندك مثلا دولة مثل فنزويلا ..انا شخصيا لم التق في حياتي شخص يحمل جنسية هذه البلاد ..ولم اسمع اسمها في اي اخبار تخص بلادنا ..لكن سبحان الله عندنا تمثيل دبلوماسي هناك ..مما يعني ان لنا مصالح مع هذه الدولة لا أعرفها انا كمواطنة ولا تهمني في شئ ..الفكرة ان هذا التمثيل الدبلوماسي ليس له اي انعكاس على المجتمع ..ببساطة لأن العلاقات الانسانية بين الشعوب لا تتوقف كثيرا عند تقاطعات السياسة ..والعكس صحيح.
العلاقات السياسية مع جارتنا وبت حارتنا مصر ..تمر بمنعطفات كثيرة ..شدا وجذبا ..اذكر في بواكير عهد الانقاذ ساءت العلاقات السياسية مع الجارة حتى وصل الأمر ان التلفزيون السوداني الرسمي كان يبث مسلسلات سورية وخليجية وحرمنا من المسلسلات المصرية ردحا من الزمن ..رغم كل ذلك التوتر فالعلاقات الانسانية لم تتأثر خاصة عندنا في الشمال ..لم نتوقف عن سماع ام كلثوم وعبد الحليم ومحمد منير ..ولم يتنازل النوبة المصريين عن محمد وردي وكابلي ..وسمسم القضارف …العائلات كانت ولا زالت تتزاوج وتتناسل والسفر بين اسوان وحلفا لم يتوقف ولا يوم واحد برا ونهرا ..الامر نفسه ينطبق على غرب السودان وتشاد ..وشرق السودان واريتريا …الشعوب لا تنتظر السياسة لتمد اواصر القربى ..لكن العكس يحدث ..تجبر الشعوب حكوماتها على اتخاذ سياسات معينة في بعض الأحيان.
التطبيع مع دولة اسرائيل لو تم ..سيكون على مستوى العلاقات الدبلوماسية ..والاقتصادية فقط لا غير ..الا لو كان هناك تداخل شعبي فعلي ..وهذا لا يحتاج لتوقيع اتفاقيات .ولن ينتظرها .والمثال الصيني حاضر في الاذهان ..فالصين من اكثر الدول لها علاقات تجارية معنا ..واغلب الاستثمارات في السودان اما شراكة صينية او تمويل بقرض صيني ..او حتى اشراف صيني ..انظر حولك وقل لي ما هو تأثير الصين في حياتنا ؟ مع الاخذ في الاعتبار ان الصين دولة ملحدة لا تعترف اصلا بوجود الاديان دعك من تأثيرها.
في الختام ..تفاصيل قولي والمجمل ..لو كان التطبيع في مصلحة السودان ..طبعوا وطابعوا واعقدوا الاتفاقيات ..تعاونوا في كل المجالات مع اسرائيل ومع غيرها من الدول ..ودعونا نغادر الدرك الاسفل الذي ألفناه من طول ما مكثنا فيه ..
الجريدة

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى