
الجريدة / * قبل تشكيل حكومته، قال رئيس الوزراء الجديد (معتز موسى) ــ الذى إتضح أنه لم يكن مهندسا كما كانت تصفه أجهزة الاعلام عندما كان وزيرا للرى، ولم يحاول من جانبه تصحيح الخطأ ــ فحسب السيرة الذاتية التى نشرت له فى بعض المواقع بعد تسميته رئيسا لوزراء السودان، أنه خريج كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، ويحمل (قفة) ماجستيرات (ولا أدرى إن كانت هذه المعلومة صحيحة، أم خاطئة مثل هندسته السابقة)، كما أنه مجاهد سابق ..إلخ، ومن غرائب الامور ان لا يطلق عليه لقب دكتور، أو بروفسور كغيره من رفقائه فى الحركة والحزب أصحاب النفوذ واللحى القصيرة رغم ماجستيراته الكثيرة، ولكن من المرجح أن يسعى بعض الصحفيين والاعلاميين من هواة الدكترة والبرفسة، لدكترته أو برفسته فى الايام القليلة القادمة، فينتقل من خانة الهندسة المتواضعة الى رحاب الدكترة والبروفسة الواسعة، باذن الله العلى القدير !!
* قال السيد (معتز) … إنه سينفذ برنامج اصلاح اقتصادى وهيكلى شامل، بادئاً بما أسماه الصدمة ــ (جاييكم جاهز ده) ــ التى وعد بأن تكون قصيرة الأجل، وذلك لمعالجة الاختلالات فى التضخم وسعر الصرف !!
* الحق يقال، لستُ إقتصاديا، ولا أفقه كثيرا فى النظريات الاقتصادية، ولكننى لم أسمع بنظرية الصدمة هذه إلا بعد أن جاءت على لسان رئيس الحكومة الجديد، وكنت أتمنى أن يشرحها فى إيجاز ويلقى عليها الضوء، ولكنه آثر أن يحتفظ بأسرارها لنفسه حتى تكون صدمة بالفعل عندما يعلن عنها .. !!
* لا تهمنى كثيرا (صدمة) رئيس الوزراء الجديد، ولن تفرق معنا صدمة أو صدمات جديدة، مع الصدمات الكثيرة التى وقعت على رؤوسنا فى عهد الإنقاذ وحكم الحركة الاسلامية، وهل هنالك صدمة أكبر من أن تُحرم من الحصول على مالك المودع فى البنوك لقضاء حاجياتك اليومية، فتضطر الى بيع نقودك بقيمة أقل من قيمتها لمن يعطيك الكاش أو يسدى لك خدمة.. وهل هنالك صدمة أكبر من أن يعانى ابنك من المرض، ولا تستطيع أن تشترى له الدواء من حر مالك المحبوس فى البنوك، وتتحول الى متسول يتكفف الناس، أعطوه أو منعوه .. وهل هنالك صدمة أكثر من تتسول ما تملك ؟!
* نعم، لا تهمنى الصدمة التى بشرنا أو هددنا بها الوزير، ولكننى مستغرب أن يحدد رئيس الحكومة تفاصيل برنامجه الاقتصادى القادم ــ وهو أهم عمل يُتنظر أن تقوم به الحكومة ــ قبل أن يعلن تشكيل حكومته، وكأنه يقول لوزرائه القادمين، انتم مجرد تمامة عدد وأننى وحدى من سيفعل كل شئ .. أويقول للشعب، أنا صاحب الكلمة والقرار والفيلسوف والمنقذ الذى سيخرجكم من الظلمات الى النور، أنا الذى سأصدمكم وأقضى على التضخم والدولار، أنا الزعيم .. أما وزرائى فهم مجرد موظفين عندى يسمعون فيطيعون!!
* ما يؤكد ذلك، أن رئيس الحكومة الجديد لم يدلِ باعلانه فى تصريح أو مؤتمر صحفى أو من داخل مكتبه، وإنما من داخل (مسجد) الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلال مخاطبته للمصلين بعد صلاة الظهر ــ وهى الطريقة التى كان يخاطب بها الخلفاء والامراء والولاة رعاياهم فى العهود الأولى للاسلام ــ وكأنه يريد أن يوضح للجميع، أنه ليس رئيس الحكومة فقط، وإنما الحاكم بأمر الله، وأمير المؤمنين (أبقاه الله، ونصره على اعداه)، وما نحن أو حتى وزرائه الكرام إلا مجرد رعايا !!
* على كل حال .. ندعو الله أن يلهم رئيس الحكومة الجديد الصبر ورحابة الصدر وسعة الأفق والحكمة فى التعامل مع الأزمات، وان يجعل صدمته خفيفة على العباد .. ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
الجريدة
نحن فى الصدمة منذ العام 89