مقالات وآراء

عثمان ميرغني يكتب : هل ينام حمدوك.. مطمئناً ؟

قبل أن يرتد صدى الكلمات الموجعة التي وجهها طبيب السلاح الطبي مستنجدا بكل الكوادر الطبية بما فيها الطلاب جاءه رد الفعل المباشر من مستشفى أمدرمان التعليمي.
المدير الطبي غارق في دمائه بعد اعتداء من ذوي مريض توفي بقسم الطوارئ، ضرب بالطوب طال عددا من الكوادر الطبية تحت بصر وسمع المسؤولين عن التأمين، ثم اعلان من الاطباء بالتوقف عن العمل خلال 72 ساعة.
وقصة حزينة كتبها أحد اطباء مستشفى “التميز” عن مريض حياته تتوقف على جرعة أكسجين فقط، ولا يستطيعون توفيرها لأن المرضى أكثر من احتمال المستشفى، فيموت وهم ينظرون اليه وادمعهم تغسله وتكفنه.
وأخيرا وليس آخرا اعتداء على الدكتور جمال فرانسيس في عيادته الخاصة واصابته في وجهه، قبل أن يواصل مرافق المريض طريقه إلى مستشفى أمدرمان ويكرر الاعتداء.
كل هذه القصص لا تعني سوى كلمة واحدة ” الانهيار”، ليس انهيار القطاع الصحي بل كامل قوام البلد التي تحولت إلى مناحة وشكوى مريرة في كل المجالات.. فما العمل؟
البكاء على اللبن المسكوب هو من شيم العاجزين، بدل الدموع نحتاج إلى شموع تضيء السؤال الكبير، ما العمل؟
هل ننتظر السيل ليكتسح ما تبقى من البلاد، و نستسلم ونضع رقابنا على المذبح في انتظار يوم الذبح العظيم؟
بلادنا قوية وشعبنا أقوى، لكنها كلمات تظل مجرد هتاف فارغ المحتوى ان لم يتحول إلى برنامج عمل لا يحتمل الانتظار ولا الأعذار.. برنامج يتخطى كل الواقع والأوحال التي تخوضها بلادنا، يتخطى المسافات الفاصلة بين الأحزاب والأيديولوجيات، وبين العسكريين والمدنيين وبين الحكومة والمعارضة، وبين الاحباط والأمل.
المطلوب الآن؛ من الحكومة أن تتحرك وبسرعة، فكل ساعة تمر تغرق فيها المركب أكثر، وسيصل الوضع إلى مرحلة يستحيل فيها تدارك ما يمكن اداركه.. على الحكومة أن تتحرك لتوحيد الاحساس بالوطن، توحيد الجهد الوطني كله في اتجاه واحد نحو هدف واحد.. بناء دولة السودان الحديثة.. بلا رتوش سياسية ولا غبن ولا أحزان ..
التنافس على “جنة” الوطن أفضل من الصراع على “جثة” الوطن، والذي نمارسه الأن هو انتحار بكل ما تحمل الكلمة من معنى:
أولا: في ظل حكومة مركزية ضعيفة حاليا بدأت الولايات تعاني من تلاشي السلطة والوطن.
ثانيا: مع تعثر مفاوضات السلام بدأت بعض الحركات المسلحة تعيد النظر في جدوى اتفاق السلام، وتخطط في سرية كاملة الآن لفرض الأمر الواقع بقوة السلاح.. وهذا السيناريو سيكون مفاجأة كبرى قريبا.. قد تقع محاولات جريئة لفصل بعض الاقاليم بعمل عسكري مدعوم من الخارج.
ثالثا: حالة التفاصل – غير المعلنة –بين ماهو عسكري ومدني وصلت ذروتها.. والتحشيد النفسي أكمل دورته وقد يتحول إلى عمل منظور قريبا.
رابعا: انقسام قوى الحرية والتغيير بعد خروج حزب الأمة القومي يسهل دخول الحكومة الانتقالية إلى صالة العشاء الأخير..
خامسا: الدعم الدولي المنتظر –خاصة في مؤتمر برلين- لن يأتي في مثل هذا الانقسام وشبح سيناريو اليوم الآخر شاخص في الأفق. بل قد يتحول المجتمع الدولي والاقليمي إلى أجندة تتسابق في استثمار التناقضات الداخلية.
البطء الذي تتفاعل به الحكومة الانتقالية مع الأوضاع، ستدرك كلفته الفادحة بعد فوات الأوان.. لا أتصور أن يعود الدكتور حمدوك كل يوم إلى بيته بعد نهاية اليوم ليستلقي على سريره وينام مطمئن القلب.. الوضع الآن بحاجة إلى حكومة لا تنام..

التيار

اقرا ايضا

‫3 تعليقات

  1. معقولة كاتب مثل قامتك يا عثمان ميرغني ما تعرف الحكومة تحتةقيادة من في هذه المرحلة وتترك العسكر في السيادي وتتوجه بالنقد ال حمدوك بانه متاخر في قراراته ؟
    عثمان ميرغني الكوز الني كلامك تفوح منه رائحة المؤامرات نعم مؤامرات عديدة ولكن الحساب يجمع ولو بعد حين تمام الكوز مثل القصرية مهما غسلتها لن تستطيع الاكل منها

  2. للأسف انعدام الأفق والتشكيك المستمر في كل من يكتب نقد بناء يوصف بالكوزنة كان الحكومة معصومة بشقيها. كان صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه وهو مؤيد بالوحي من ربه
    لابد من طئ صفحة ال30 عام التي مرت من عمر السودان ونبدا عهد جديد ملئ بالتفاؤل والاحترام والإنجاز والتنمية والتوافق الوجداني رغم اختلاف المشار ب حقيقة لايوجد وقت لاضاعته.
    القوى البشرية القوية المؤتلفة أقوى رأس مال للشعوب
    وهذا ماذكره رب العزة في كتابه الكريم (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا) وكل عام والشعب السوداني أكثر قوة وتوحد ورقي وازدهار

  3. الاخ/عثمان ميرغنى قبل تكوين الحكومه الانتقاليه وبقل اختيار رئيس الوزراء سبق ان رشحت دكتور/فيصل محمد صالح لرئاسة الوزراءواثنيت عليه كثيرآ؟ تخبل لوكان الان فيصل رئيسآ للوزراء كيف سيكون الوضع الان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى