مقالات وآراء
أخر الأخبار

أسماء جمعة تكتب خسائر السودان المليارية

واحدة من الأشياء الغريبة التي لا تحدث في أية دولة في العالم غير السودان، هي الخسارات المليارية بالدولار وبالجنيه المدفوعة من دم هذا الشعب والتي تتكبدها الدولة باستمرار نتيجة إخفاقات الحكومة وإهمالها وسوء إدارتها وسياساتها وطمع مسؤوليها وأنانيتهم، ولا أعتقد إنني بحاجة إلى أن أذكركم كم وزير خرج إلينا لينقل لنا خبر مشروع ضخم تبخَّبر في الهواء بعد أن أهدرت فيه المليارات ثم يبرر للأمر بأعذار أقبح من الذنب.

قبل عدة أشهر وزير التخطيط الاستراتيجي نفسه، قال إن ولاية الخرطوم، أهدرت خلال 20 سنة 8 ترليون جنيه في حفر المصارف السطحية، أي مليارات المليارات، كذلك المراجع العام، عام 2015 قال إن هناك أكثر من 5 ترليون جنيه خرجت عُهَداً وأمانات من خزينة الدولة ولم تعد، ولم يخبرونا بعد ذلك ماذا حدث لها، والقائمة تطول، ففي نهاية كل عام يشهد المراجع بالمستندات على كثير من المليارات التي تهدر دون وجه حق.

الشيء الأكثر دهشة وغرابة هو أن أحداث وأخبار الخسائر المليارية بالدولار أو الجنيه في السودان لا تتوقف أبداً، ونفس الخطأ الذي تقع فيه الحكومة وبسببه تهدر المليارات يمكن أن يستمر سنوات طويلة ولا يتوقف، رغم إنها تعلم علم اليقين إنها لن تصل إلى نتيجة، بل تبتدع الجديد المدهش من طرق ووسائل هدر المليارات كل صباح.

بالأمس نقلت التيار خبراً يقول إن النائب البرلماني عن حركة الإصلاح الآن فتح الرحمن فضيل تقدم بطلب استدعاء لوزير الصناعة موسى كرامة للإجابة على سؤال حول تأخير افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض وحجم الخسائر التي تكبدتها البلاد البالغة أكثر من مليار دولار وفقاً لما ذكر، ولا شك إنكم سمعتم بحكاية مصنع سكر النيل الأبيض الذي بدأت فكرته في التسعينات وضع حجر أساسه عام 2004 وافتتح في العام 2012 وحتى الآن لم نرَ للمصنع سكراً في الأسواق، وسبق وأن استدعى البرلمان وزراء الصناعة والمالية وسألهم ثم سكت. العام الماضي كشف موسى كرامة وزير الصناعة الحالي نفسه، إن فشل مصنع سكر النيل الأبيض، بسبب أخطاء فنية صاحبت إنشاءه، أدت إلى تدني إنتاجه إلى (80) ألف طن، في وقت يفترض أن يبلغ فيه إنتاجه (450) ألفاً. السؤال المهم الذي يطرح نفسه لماذا صاحبت إنشاء المصنع أخطاء فنية، هل نفذ المشروع من غير دراسة؟ هل تلاعب فيه نافذون؟، ألم يقولوا إنه شراكة بين الحكومة وشركة كنانة صاحبة أعظم مصنع سكر في أفريقيا؟ وهل الأخطاء التي صاحبت تأسيسه مستحيلة العلاج وقد مضى على افتتاحه ست سنوات كاملة، أعتقد أن الحكاية أكبر من مجرد أخطاء فنية لا يعجز العلم عن علاجها.

عموما خسائر السودان المليارية إن كانت بالجنيه أو بالدولار تعكس بوضوح أداء الحكومة ومدى أهليتها لقيادة بلد، كان يمكن لهذه المليارات أن تحوله إلى جنة من جنان الله في الأرض ودولة عظيمة، والمؤسف حقاً إنه كل يوم تفتح الحكومة باباً جديداً ليخسر السودان مليارات أخرى، وهذه الأبواب لن تغلق أبداً لأن هناك مستفيدين منها يتكاثرون مع استمرار هذه الحكومة في السلطة، فهو عرض لمرض اسمه المؤتمر الوطني ما لم يتعافى منه السودان لن يستطيع الاستفادة من أمواله وموارده أبداً.

التيار

المصدر
التيار

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى