
أسماء جمعة تكتب تجاوزات التوظيف والأجور
الأسبوع الماضي وفي منتدى وزارة التعليم العالي، كشف رئيس المجلس الأعلى للأجور عبد الرحمن يوسف، عن وجود مفارقات في أجور العاملين بالدولة وقال إنه يوجد (خيار وفقوس، واختراقات للقرارات)، وذكر إن (هناك خريجاً في الدرجة التاسعة مرتبه أعلى من وكيل وزارة)، وقال رفعنا تقارير وتوصيات ولا حياة لمن تنادي). هذا الحديث أثار نقاشاً كثيفاً في مواقع التواصل الاجتماعي كل يحكي حكاية أغرب من الآخر، واتضح أن الموظف هذا ليس استثناء فمثله كثيرون، وقد درجت حكومة المؤتمر الوطني وحركتها أن تأتي بالموالين لها وتعيِّنهم دون إجراءات بل مجرد توصية في ورقة صغيرة جديرة بأن تجعل أرفع مؤسسة لا تسأل عن مؤهلات الموظف وتدوس على القوانين واللوائح والقرارات والأخلاق والقيم، فالموصى عليهم قد يكونون غير خريجين ولا يحملون حتى شهادات ثانوي.
ليت السيد رئيس المجلس الأعلى للأجور ذكر لنا من الذي عيَّن هذا الخريج وذكر كل التجاوزات التي تؤكد إن هناك خياراً (وفقوس) حتى يكمل كلمة الحق، فمثل هذا الخريج لا أظنه أتى بطريقة رسمية أو ألقت به الصدفة في الوظيفة ولن أقول لم يأتِ عبر لجنة الاختيار، لأن اللجنة نفسها تحت أمر المسؤولين وتشرعن تجاوزات التوظيف، التي لا أعتقد إن هناك مسؤولاً لم يرتكبها مثلما فعل السيد رئيس المجلس الأعلى للأجور الذي ظل يسكت عن التجاوزات وحين ذكرها أشار إليها بالتلميح، والسيد مدير الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس عوض سكراب الذي أقر بتعيين (17) من أبناء نافذين بالدولة في عام 2013 عبر لجنة الاختيار، وهو لا يرى مانعاً في توظيفهم طالما أن تخصصاتهم تتوافق مع المتطلبات التي تحتاجها إدارته و يحملون ذات التخصصات.
السيد سكراب باعترافه هذا يدين نفسه ويدين لجنة الاختيار ويضع أمامنا جريمة كاملة الجوانب، فتعيين 17 من (أولاد النافذين) في عام واحد وفي مؤسسة واحدة حتى وإن كانوا يحملون التخصصات المطلوبة أمر يثير الشك، فهل يعقل أن تكون الصدفة وحدها من لعبت دوراً في أن يتقدم كل هذا العدد لمؤسسة واحدة ويتفوقوا جميعاً على غيرهم عبر معاينات نزيهة هل يعقل، لا أعتقد أن المواطنين أغبياء للدرجة التي يمكن أن يصدقوا هذا التبرير.
حقيقة القصص التي تثبت أن وظائف الدولة وأموالها أصبحت حقاً خاصاً يمنحها من لا يملك لمن لا يستحق كثيرة، أنا أعرف خريجاً عُيِّن في التاسعة بعد أشهر من تخرجه وكلف بوظيفة رفيعة يصرف فيها أضعاف ما يصرفه الذين عملوا بعمره في تلك المؤسسة، وكثيرون من كوادر المؤتمر الوطني حلقت بهم تجاوزات التوظيف والأجور في سماء الثراء والرفاهية خصماً على أصحاب الحقوق.
عموماً السيد رئيس المجلس الأعلى للأجور والسيد مدير الهيئة العام للمواصفات والمقاييس أثبتا إنهما جزء من أزمة الفساد الإداري الحاصلة في البلد، ذاك يلف حول الحقائق ويقول رفعنا توصيات وهو يعلم إنها لن تنفذ فلماذا لم يستقل؟، وهذا يبرر لعملية تجاوز واضحة، و لذلك الخدمة المدنية لم تنهار إلا بسبب مثل هؤلاء المسؤولين وهم كثر ولا تخلو منهم مؤسسة، وعليه تجاوزات التوظيف والأجور لن تنتهي إلا بعملية إصلاح إداري كبيرة لن تقدم عليها حكومة المؤتمر الوطني أبداً.
التيار