مقالات وآراء

محمد لطيف يكتب ينصر دينك .. يا ريس ! – تحليل سياسى

الاحداث نيوز

لم يفاجئنى قرار السيد رئيس الجمهورية .. الذى إتخذه فى اكتوبر 2018 بتعيين السفير جمال الشيخ مبعوثا خاصا لجنوب السودان .. والسبب أننى كتبت فى اكتوبر 2016.. أى قبل عامين بالتمام والكمال ما يلى :-

( ويطنب سالفا كير فى تعداد مآثر السفير .. وفى سابقة ليست مألوفة فى السلك الدبلوماسى يتحسر رئيس دولة على مغادرة سفير اجنبى لبلاده .. ولا يتردد فخامة الرئيس فى القول .. لقد فعلت الكثير لبلادنا .. وبلادنا ستخسر لمغادرتك .. خاصة فى هذا الظرف الدقيق الذى نمر به .. ولا تنتهى مفاجآت فخامة الرئيس وهو يقول للسفير المغادر .. العزاء أنك تتوجه الى موقع مهم .. يسعدنا أن تكون أنت هناك .. لأننا على ثقة عظيمة فى أنك ستمثل بلادنا كما ستمثل بلادك تماما .. ستمثل دولتينا يا سعادة السفير .. وسترعى مصالحنا هناك ..!

وحين ذهب المدعوون لحفل وداع السفير .. كان فى ظنهم أن يجدوا حفنة من السفراء العرب .. وبعض السفراء الأفارقة .. وبعض بعض السفراء الغربيين .. ولكن يبدو أن هؤلاء لم يكونوا يعلمون من هو الذى هم بصدد الإحتفال بوداعه .. كانت المفاجأة الأولى أن كل سفراء العالم كانوا هناك .. بدءا بالسويد والنرويج فاليابان والألمان والمملكة المتحدة فالإتحاد الأوروبى وحتى الولايات المتحدة .. ثم كانت المفاجأة الثانية .. أن كل سفير اعتبر نفسه لا فى حفل للعلاقات الدبلوماسية مطلوب منه أن يشكل حضورا فحسب .. بل كان كل واحد من الحضور يعتبر نفسه قد خسر خسارة شخصية جراء مغادرة السفير .. ثم بلغ المشهد ذروته حين توجهت سفيرة الولايات المتحدة الى المنصة .. وخصصت عشر دقائق كاملة للحديث عن السفير .. وهى القادمة من ثقافة تؤمن بأن 4 الى 5 دقائق كافية لقول كل شىء ..!

كانت السفيرة الأمريكية صريحة وهى تخاطب السفير .. لقد تعلمنا منك الأبعاد الحقيقية للأزمة هنا .. لقد نبهتنا لمكامن الخطر .. ومصادر الحلول .. معلوماتك دقيقة .. تحليلك رصين .. لكم أرهقناك يا عزيزى بالأسئلة والإستفسارات .. ولكم زودتنا بالنصائح والملاحظات .. العمل معك كان ممتعا بقدرما كان مثمرا .. اذكر الآن يا معالى السفير اننا جلسنا فى مكتبك اكثر مما جلسنا فى مكاتبنا .. واستمعنا منك اكثر مما تحدثنا.. وكانت دائما النتائج مبهرة .. ثم سفير الإتحاد الأوروبى .. والسفير الإثيوبى .. كل يمدح السفير من زاوية رآها ..!

من هذا الذى تتغزل فيه سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية .. ؟ هو الذى استطاع خلال اقل من عامين .. أو عام ونيف .. أن يلعب دورا محوريا فى تجسير الهوة بين الخرطوم وجوبا .. وهو الذى وفى هذه الفترة الوجيزة جعل من نفسه مرجعا لكل العالم فى الشأن الجنوب سودانى .. بل اصبح عميد السفراء فى جوبا فى شأن جنوب السودان .. رئيس آلية مراقبة ايغاد الذى تحسر على نقله كان قد إعتاد أن يختتم اجتماعات الآلية بكلمة من السفير .. ليقول بعدها .. شكرا جمال .. هذا هو موقف الآلية .. و إذا قيل لك أن الرجل قد لعب دورا مهما فى تخفيف حدة العنف فى الجنوب فصدق.. لماذا ..؟ لأنه هو من بذل النصح لواشنطن بضرورة أن يكون الحل فى جنوب السودان شاملا ..

ولا يستنسخ تجارب الخرطوم الفاشلة .. لم يقل السفير ذلك بالطبع .. ولكنه شدد على أن الحل يجب .. ألا يستثنى أحدا .. حتى رياك مشار .. أتذكرون تشدد واشنطن فى إنهاء أى دور سياسى لمشار فى بلاده وإبعاده الى خارج الإقليم ..؟ بالنسبة لمشار كان الرد العملى تصعيد العمل العسكرى .. ثم هل لاحظتم تراجع الموقف الأمريكي المتشدد ..؟ و تزامن ذلك مع تراجع وتيرة العنف هناك .. ؟ إذن فى التفاصيل ابحث عن دور للسفير ..!ولا تظنن أن التحذير الأمريكى لجوبا والذى فاجأ الخرطوم نفسها بعيد عن ما يجرى هناك ..!

ومن هذا الذى نتحدث عنه اليوم ..؟ إنه شخص لا نعرفه وإن سمعنا بإنجازاته فقط .. اسمه السفير جمال الشيخ .. هو سفير السودان ( السابق )فى جنوب السودان .. الذى قررت وزارة الخارجية نقله الى الإتحاد الإفريقى باديس ابابا .. صحيح أن السفير قد كسب ترقية .. وأن اديس ابابا محطة مهمة .. ولكن الصحيح ايضا أن الدولة قد خسرت موقعا متقدما .. وتبدو كمن إستغنت عن قرص مدمج تم إعداده بجهد جبار ..والأهم من ذلك أن مفتاح اديس ابابا بالنسبة للسودان الآن هو فى جوبا ..) 26 اكتوبر 2016 .. ذات المساحة .

الآن يعود السفير جمال الشيخ الى ذات الملف .. وفى وضع متقدم .. وفى واحدة من حالات يصدق فيها القول .. وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب .. شكرا سيدى الرئيس ..!

الاحداث نيوز

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى