
شمائل النور تكتب المحك
مثلما هو غير منطقي ومنصف أن تدعو الناس للخروج إلى الشوارع لاسقاط النظام وأنت داخل بيتك، يبقى أيضاً من غير المنصف أن تفرض على الحركات التي رفعت السلاح أن تستمر في العمل المسلح حتى اسقاط النظام، ثم تُزايد عليها إذا ما قررت أن تترك السلاح، حتى وإن لم تحقق أهدافها كاملة.
في مقال طويل منشور على نطاق واسع، دافع القيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان عن خيار تياره الانخراط في تسوية سياسية لحل شامل، ودافع عن تمسك حركته بالحل الشامل رافضة على مدار (15) جولة تفاوض الحل الجزئي، واعتبر عرمان في مقاله أن خيار الانخراط في تسوية سياسية لا يستحق الاعتذار.
يواصل عرمان، أن “الخط السياسي السليم يجب أن يجمع ولا يفرق، ويصون وحدة المعارضة ولا يبددها، بعيداً عن التخوين والتشكيك في منطلقات القوى الوطنية.”
أياً كانت مبررات من اختار الانخراط في تسوية سياسية بدلاً عن اسقاط النظام فلا ينبغي أن يندرج في تصنيف حلفائه تحت “الخيانة” أو غيرها. أيما حزب أو تيار سياسي لا ينسجم ويتعاطى مع المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية حوله فلن يستطيع أن يقوم بدور، سوف يظل محنطاً رافعاً شعارات ثابتة لم تتحقق ولم تتبدل في ذات الوقت.
ليس المطلوب التمسك بخط سياسي محدد بينما الأمواج تتلاطم حولك، المطلوب هو التمسك والحفاظ على الخط الأخلاقي وليس السياسي.
متغيرات كثيرة ومفاجئة طرأت على خارطة السياسة السودانية فرضتها تحولات جذرية في الإقليم وفي العالم الذي تبدلت أولوياته على نحو مفاجئ.
المعارضة مضغوطة من المجتمع الدولي الذي يكثف اجتماعاته ولقاءاته هذه الأيام بين عواصم عدة، وذات الضغط يقع على حكومة الخرطوم.. الهبوط الناعم بات قاب قوسين، لم يتبق منه إلا “تشطيبات” إذا لم تحدث مفاجآت على نحو مزلزل.
المحك هو ليس التخلي عن السلاح والانخراط في التسوية السياسية، المحك الحقيقي ما ستكون عليه هذه التسوية، ليس المقصود نصيب المعارضة في السلطة بقدر ما المطلوب نصيب فرصة التغيير، أمام المعارضة امتحان صعب أمام جماهيرها لفرض فرصة للتغيير تقود لحل شامل.
أي اتفاق يوقف حالة الحرب ينبغي أن يكون محل ترحيب، فهناك مدنيون لم يعد العالم يعطيهم أولوية لأن بنود صرفه اتجهت لقضايا أخرى، هناك من يموت جوعاً أو مرضاً في مناطق الحروب.. المحك هو فرض حد أدنى لواقع جديد. وإذا فشلت هذه فالنتائج كارثية.
التيار