اسماء جمعة تكتب: غضب إلهي والغفران عند الشعب
رموز النظام في سجن كوبر ما زالوا لا يريدون الاعتراف بأنهم أخطأوا و أفسدوا وأجرموا في حق الشعب السوداني، وعليه فهم يرون إنه يستحق أن يطلبوا منه الصحفح والغفران، فقفزوا فوق كل ما فعلوا واعتبروا أن ما يحدث لهم الآن هو غضب من الله فقط لأنهم فشلوا فقط وليس لأنهم عاسوا في الأرض فساداً وظلماً، رغم إن غضب الله يحل على الفاسدين والظالمين وليس الفاشلين فقد يفشل الإنسان وهو ليس فاسداً ولا ظالماً.
نقلت الأخبار أن رموز النظام المخلوع داخل سجن كوبر إلتقوا يوم الجمعة الماضي في جامع السجن لأداء صلاة الجمعة، واعترفوا أن ما حلّ بهم غضب إلهي نتيجة لفشل تجربتهم في حكم السودان التي استمرت لـ(30) عاماً، معتبرين الإعتقال كفارة لذنوبهم، وقيل إنهم عادوا لقراءة القرءان وبعضهم حفظ كثيراً من السور، وهذه إشارة لها تفسير لسنا بصدده.
فعلاً ما حل بهم غضب إلهي ولكن ليس لأنهم فشلوا فقط بل لأنهم فسدوا وظلموا، فهناك فرق شاسع بين الظلم والفساد والفشل، فالفشل هو عدم التمكن من تلبية الهدف المنشود أما الفساد فهو ارتكاب الجرائم و الظلم وانتهاك حقوق الناس ومعصية الله مع سبق الإصرار والترصد، حتى الفشل الذي يتحدثون عنه هو ناتج عن فسادهم هم، وفشل أية حكومة في الدنيا ينتج عن ظلم و فساد مسؤوليها.
أما اعتبارهم أن الاعتقال كفارة لذنوبهم فهذا ليس صحيحاً فهم لم يسلموا السلطة طوعاً ولم يعترفوا بجرائمهم و يعتذروا ويطلبوا العفو، ولم يطلبوا السجن كعقاب لهم حتى يصبح كفارة لهم، وإنما سجنوا لأنهم مجرمون سرقوا وقتلوا وانتهكوا حقوق هذا الشعب، وفي سبيل اسقاطهم خسر الكثير جداً فقد تمسكوا بالسلطة وأفتوا بإبادة ثلثه، وإن تركوا أحراراً سيفعلون به ما هو أسوأ.
السؤال كيف يكون الاعتقال كفارة عن ذنوبهم وهم أصلاً لم يلتزموا بشروط التوبة وهي؛ الإقلاع عن الذنب والندم عليه وعلى ما قد مضى والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق الناس فعليهم أن يطلبوا العفو من كل صاحب حق على عدد من ظلموا، وأن يؤدوا الحقوق إلى أهلها، فالله لا يغفر ظلم الناس أبداً حتى ولو لطمة إلا إذا هم غفروا، وليسألوا أهل العلم إن كانوا يجهلون، وحسب متابعتنا لم يطلبوا العفو من أحد.
لقد أمهل الله رموز النظام المخلوع الموجودين بكوبر 30 سنة وهي مدة جديرة بأن تجعل الشيطان نفسه يتوب ولكنهم لم يفعلوا، ولذلك حل عليهم غضبه الكبير، وما الكراهية والبغضاء التي يكنها لهم الشعب السوداني إلا دليل قاطع على ذلك.
عموماً نقول لرموز النظام المخلوع جميعاً لا تخدعوا أنفسكم بأن الله سيغفر لكم كل تلك الجبال من الذنوب لمجرد أن تم وضعكم في معتقل لحماية الشعب منكم ولتأخذ العدالة مجراها، وخير لكم أن تعترفوا لهذا الشعب بما اغترفتم في حقه ثم أطلبوا منه الغفران أولاً فإن غفر سيغفر الله لكم وإلا فإنكم تخدعون أنفسكم بفكرة أن الاعتقال كفارة لذنوبكم، غضب الله يحل على الظالمين وغفرانه لا يأتي إلا بعفو المظلومين وليس هناك ما يخفف ذنوبكم غير الاعتراف والإعتذار وطلب العفو والبكاء تحت أقدام هذا الشعب فافعلوا.
التيار