
عادل الباز يكتب الصادرات والمصارف
1
يواجه النظام المصرفي في السودان تحديات شتى وهي تحديات لا تتعلق بأزمات طارئة في السيولة أو غيرها، بل هي تحديات ظلت تواجهها لفترة طويلة ولكنها لم تجد حلا. الآن والبلاد مقبلة على موسم سيشهد قفزة حجم الصادرات، فإن النظام المصرفي كله ينبغي أن يتحول لنظام داعم للسياسات، ومتى ما تخلف النظام المصرفي عن مواكبة السياسات الاقتصادية فلا أمل في معالجة أدواء الاقتصاد.
2
من المحزن أن تكون نسبة تمويل المصارف للصادرات السودانية خلال العام الماضي أقل من 5 %، ذلك هو كل التمويل الذي أتيح للمصدرين من كل المصارف. يحدث ذلك في ذات الوقت التي تستثمر فيه المصارف فوائضها في شهادات شهامة، أي أنها تضارب في شهادات تحيط بها مخاطر محدقة الآن.
3
تشير التوقعات إلى أن محصول السمسم وحده يمكن أن تصل إنتاجيته إلى عشرة ملايين طن وهذا الكم الهائل من الإنتاج ينتظر التمويل من المصدرين. المصدرون قد لا تتوفر لهم الأموال اللازمة لشراء الكميات التي تلبي طلبات زبائنهم بالخارج في وقت يتصاعد الطلب العالمي على السمسم السوداني وبأسعار مجزية. في هذه الحالة هناك احتمالان أن يكتفي المصدرون بالتمويل الذي يتوفر لهم من مصادرهم الخاصة وبالتأكيد هو لا يكفي لتغطية كل احتياجاتهم، الاحتمال الآخر هو اللجوء إلى التمويل البنكي وفي هذه الحالة إذا لم تتجاوب البنوك وأصرت على لوائحها ومنشوراتها العقيمة التي تقضي بتوفير ضمانات مهولة من المصدرين ليست متوفرة لهم، فإن جزءا ضئيلا ن مما ما هو متاح من إنتاج سيجد طريقه للخارج، وبالتالي سنحصد نتائج كارثية، فالأسعار بالداخل ستتدنى لأن المعروض كبير ولا سبيل أو تخزينه فيضطر المنتجون للبيع بأبخس الأسعار لتغطية مديونياتهم في السوق. سيخسر الاقتصاد مليارات الدولارات كان يمكن أن تعود إليه إذا نشطت حركة الصادر في ظل أجواء عالمية مواتية بل نموذجية.
4
المطلوب أن تجد المصارف صيغة خلاقة حتى ولو مؤقتا لتمويل أي صادر وتبعد عن تعقيداتها وطرائقها العقيمة التي تتعامل بها مع المصدرين.. يمكن للبنوك أن تدخل بواسطة شركاتها من المصدرين لتضمن رجوع أموالها بل ويمكن أن تتفق مع المصدرين لتأخذ جزءا من الأرباح، هذا بالإضافة لحصدها لعوائد حصائل الصادرات. لابد من طريقة ما لتمويل المصدرين وللدفع بـ90 % من الإنتاج إلى الخارج. أما إذا أصرت البنوك على هذه النسبة المتدنية التي تتيحها لتمويل الصادر وأصرت على ضماناتها فهذا هو أول الطريق لهزيمة السياسات المبشرة وهزيمة آخر أمل للمنتجين والمصدرين، بل والبلاد بأسرها للخروج من نفق الأزمات المتلاحقة.
الاحداث نيوز