مقالات وآراء

عثمان ميرغني يكتب عفواً.. لا تلبس (جلباب أبي)

 

السيد إبراهيم الميرغني سياسي شاب، حوالي (35) عاماً، ينتمي إلى الحزب الاتحادي الديمقراطي – الأصل – كان يتحدّث مساء أمس الأول (الخميس) في مُنتدى (كباية شاي) الذي تُنظِّمه صحيفة “التيار” مساء كل خميس، ويؤمه جَمهورٌ كَثيفٌ، حتى أصبح المُنتدى ليلة خرطومية جميلة يضعها الكثيرون في برنامجهم الأسبوعي.

إبراهيم الميرغني سَألوه كيف تولى حقيبة وزير الدولة للاتصالات وهو في هذه السِّن المُبكِّرة، اعترض على التوصيف، وقال إنّ هناك أصغر منه كثيراً يتولّون الآن وزارات ومناصب رفيعة، في إثيوبيا وزيمبابوي وفِي الإمارات العربية سبعة وزراء في صف العشرينيات.

والحقيقة، نظرياً، أجدني أشد على يده مُوافقاً، ولكن عمليّاً أرجو من السيد إبراهيم الميرغني مُمارسة فضيلة غَضّ النظر.

لو نَظَرَ إبراهيم الميرغني حَوله في كل الاتجاهات لوجد أنّ على جيله الثلاثيني الانتظار ريثما يحتفل باليوبيل الماسي (75) عاماً ليجد نصيبه في السُّلطة.. وليبدأ الميرغني بالمثل الشعبي (أغرف تحت رجليك).. ويتأمّل في الطريق الصاعد، مثلاً، في درج قيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي شخصياً.. كم تبقى من عتبات درج السُّلطة ليصل إبراهيم الميرغني إلى درجة الدكتور “ابي أحمد” رئيس وزراء جارتنا الشقيقة إثيوبيا؟

صحيح الإنجاز في الوصول إلى العتبات العليا لا يُقاس بالسن وحده، فالسيد دونالد ترمب بعد أن أكمل النجاحات كلها في دنيا الأعمال والمال ثم الإعلام أكمل نصف دينه السِّياسي بدخول البيت الأبيض لتكون أول وظيفة في حياته مدفوعة الأجر.

لكن المُدهش في تجربتنا السُّودانية أن السِّن تتواطأ مع الفشل المُزمن، فالذين يهيمون على المَشهد السِّياسي من كُلِّ ألوان الطيف، لا يَحتكرونه بحُكم النجاح والتجربة الرشيدة، بل بحُكم الأمر الواقع De facto وتظل مُهمّة الأجيال الشّابّة مثل رصفائهم الصغار في ملعب كرة القدم عليهم أن يلتقطوا الكرة من خارج الميدان ليعيدوها.

صحيحٌ هناك شَبابٌ مُتوهِّجٌ في مُختلف الأحزاب السِّياسيَّة، لكن الأصح أنّ أهم شُرُوط صعودهم الدرج أو بقائهم فيه أن يلبسوا (جلباب ابي)، أن يتقمّصوا منهج تفكير الجيل القابض على مفاصل الحركة والسُّكون في كل مناحي الحياة السِّياسيَّة في السُّودان.

ولهذا؛ كان نصيب إبراهيم الميرغني وزارة الاتصالات، حيث لا اجتهاد مع النص، ولهذا قال إبراهيم إنّه عاش أجمل عامين في حياته وزيراً للدولة في الاتصالات، ولو شَاءت أقداره أن يكون في وزارة الخارجية، مثلاً، لكانت أتعس عامين في حياته، إن حاول أن يستخدم عقله الخاص، ومنهج تفكيره الخاص، ورفض (جلباب ابي).

وفِي الذاكرة السِّياسيَّة شابٌ – آنئذٍ – وضعه الله في منصب وزير الدولة بوزارة العدل، فحاول أن يكون (هو) نفسه.. ورفض (جلباب ابي) فأطاح برأسه تصريح صحفي غرّد خارج السّرب.. إنه الأستاذ أمين بناني، لم يصبروا عليه يومين ليتوافّق طرده مع تعديل وزاري قادم.. حتى يدرك الجميع أنّ الرؤوس إذا أينعت فقد حَانَ قطافها..

إبراهيم الميرغني، وَاصِلْ، وكُنْ دائماً أَنتَ، ولا تلبس (جلباب ابي).. حتى ولو كَان (جينز)!!!

التيار

المصدر
التيار

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى