مقالات وآراء

ناهد قرناص تكتب تفشى الخبر

د ناهد قرناص

 

كان صباح اليوم منعشاً.. وكثير الحركة.. بداية الدارسة جعلت الشوارع صاخبة بأطفال المدارس.. ولكن حاجة فايزة كانت تحمل لي مفاجأة أخرى جعلت صباحي مفعماً برائحة (الشمار الحار).. كانت كالعادة في جدال لا ينتهي مع صاحب الدكان حول سعر البسكويت عندما مررت بجانبها.. صاحت (هي يا دكتورة – وين إنت؟).. وقبل أن أرد عليها.. كانت قد وصلتني وبنفس متقطع قالت هامسة: (ما جيتي الجبنة يوم الخميس.. غادة ما جابت لينا جنس خبر!!).. في تلك اللحظة كل انتبهت قرون الاستشعار الأنثوية التي أمتلكها.. واستنفر عقلي كل جنباته التي صارت عالية التركيز في ثانية.. رددت قائلة: (خير.. في شنو؟)
(غادة عندها أهلها ساكنين في (—-) وكان عندهم مناسبة مشت قعدت ليها يومين هناك.. أها مشت الكوفير الجنب بيت المناسبة وهي قاعدة تعاين بالقزاز.. اتخيلي شافت منو بنزل ليهو واحدة من عربيته؟).. دارت كل الاحتمالات في رأسي.. لكنها لم تنتظر لتسمع إجابتي (اتخيلي شافت فتح الرحمن راجل ندى بت إصلاح.. بي عربيته ذاتها وقال كدي أداها قروش والمرة دخلت الكوفير).. قلت لها (يمكن قريبته ولا أخته ما تظلموا الراجل ساكت).. نظرت إلي شذراً (انتظري.. قالوا ليك غادة خلتها.. مشت جنبها وسألتها قالت ليها الراجل النزلك أنا مشبهاهو.. قامت المرة قالت ليها دا راجلي.. متزوجاهو ليها سنة.. ومقعدها مع أهلها).. ما شاء الله المحقق كونان ما يلحقك يا غادة..
شمار أصلي من الصباح.. غايتو يا جارنا العزيز.. طلعت على قول المصريين (مية من تحت تبن).. ظاهرة الزواج السري.. أصبحت شيئاً معتاداً.. وانتشرت النكات حول هذا الموضوع بأن هناك الكثير من ما تخفيه عبارات.. مثل عندي أجتماع.. ماشي مشوار وجاي… ولست في حاجة لكي أعيد نكتة الجامع التي تتداولها الأوساط الاجتماعية.. فالسؤال ليس لماذا يتزوج الرجل ثانية؟.. لا أعتقد أنني أستطيع الإجابة على هذا السؤال.. ولكن قطعاً أن قرار الزواج الثاني لا علاقة له بـ(حالة) الزواج الأول.. وكذلك لا ذنب للزوجة الأولى.. فكم من زوجة نكدية سيئة الأخلاق احتفظت بزوج كامل الدسم.. وكم زوجة طيبة.. مخلصة كافأها زوجها بإحضار ضرة لتؤانس وحدتها.. بل يساورني خاطر قد يصل حد اليقين.. أن الزوجة الطيبة تثير في نفس زوجها حافزاً يقول: (هل من مزيد).. فالرجل الشرقي عموماً يأخذ فكرته عن النساء من زوجته لأنه ينشأ بعيداً عن أخواته.. ولا زال حتى الأن عندما يتحدث الرجل عن النساء ينسى أن من جملة هؤلاء النسوة والدته وأخواته.. كما قلت لست هنا لأبحث في موضوع الزواج التاني.. ولكن تساؤلي لماذا كثر الزواج السري أو على الأقل الذي لا تعلم به الزوجة الأولى؟ هل مراعاة لمشاعره؟؟ أو مجرد (شراء لدماغ الرجل) والبعد عن العكننة!!!!.
(أها أنا قلت ليهم دي أمانة.. لازم نحدس إصلاح بالقصة دي) انتبهت على صوت حاجة فايزة.. وقلت لها (لا يا حاجة.. ما تدخلوا في الموضوع دا.. دي ما أمانة.. دي صدفة لمت غادة في الزوجة التانية دي وبعدين شن عرفك يمكن حاجة إصلاح وبتها عارفين.. البيوت أسرار).
بدت نبرة التهكم واضحة في حديثها (هه.. هه.. حاجة إصلاح كان عرفت الولد دا عرس فوق بتها إلا كان تقطع لحمه.. وتقسمه كيمان.. إنت ما بتعرفيها؟).. (عشان كدا.. عليك الله يا حاجة فايزة.. أسكتوا بالموضوع دا.. وزي ما بقولوا ناس القانون.. يبقى الحال كما هو عليه.. وعلى المتضرر اللجوء للقضاء).. زمت شفتيها غير راضية.. وتحركت من أمامي.. ولكن نظرتها كانت تقول لي (من دربي دا ماشة لي حاجة إصلاح).. واصلت طريقي.. ومن على البعد لاحت لي سيارة جارنا فتح الرحمن مسرعة كالعادة.. فتذكرت الأغنية الشهيرة (حبيبة عمري.. .تفشى الخبر.. وذاع وعم القرى والحضر).

بواسطة
ناهد قرناص
المصدر
الجريدة

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى