مقالات وآراء

الطاهر ساتي يكتب : معركة المافيا الخفية (وقد ظهرت) !!

:: مافيا الأدوية تختلف عن مراكز القوى التي شرع رئيس الوزراء في تدميرها (يوميا)، بقرار أو أكثر.. ولأن لمافيا الأدوية من النفوذ والمال والإعلام ما يكفي ويفيض، فليس من السهل أن يقضي عليها رئيس الوزراء بمحض قرار أو أكثر.. فالقضاء على هذه المافيا بحاجة إلى إرادة سياسية.. وعلى سبيل المثال، في يوليو العام 2017، مع إيقاف استيراد أي دواء يصنع محليا، كان رئيس الجمهورية قدر أصدر قراراً بفك احتكار الأدوية.
:: وفك احتكار الأدوية يعني تجاوز ما يسمى بالوكيل الحصري للأصناف الدوائية، أي فتح أبواب التسجيل والاستيراد لمن يشاء.. ومن هنا بدأت معركة المافيا الخفية مع المجلس القومي للأدوية والسموم، وهو السلطة الرقابية التي بادرت برفع توصية فك الاحتكار، فتبنتها رئاسة الجمهورية حتى صارت قراراً في مرحلة التنفيذ.. لم تستسلم المافيا لقرار فك الاحتكار، وواصلت معركتها مع المجلس بخفاء.. وقد ظهرت، بعد أن ضمت إلى صفوفها بعض النافذين بوزارة الصحة.
:: ومع قرار فك الاحتكار، هناك قرار آخر بإيقاف الترويج للأدوية بالأسماء التجارية.. وكما تعلمون فإن روشتات السواد الأعظم من الأطباء تضج بالأسماء التجارية.. والروشتات ذات الأسماء التجارية تسهم في ترسيخ الاحتكار، بحيث لا يكون للصيدلي خيار غير صرف الاسم التجاري المكتوب على الروشتة، حتى ولو كان هناك بديلاً آخر (فاعل ورخيص).. علماً بأن قوانين المجلس الطبي تمنع هذا السلوك، ولكن يبدو أن تفعيل قوانين المجلس الطبي يؤرق مضاجع مافيا الأدوية.
:: وكثيرا ما يردد الأمين العام لجمعية حماية المستهلك د. ياسر ميرغني: (على الأطباء التحلي بالمعايير المهنية، فعندما يأتي المريض ويجد مُنتجاً باسم غير المكتوب في روشتة العلاج يرفض شراءه).. لقد صدق، للأدوية أسماء علمية وأخرى تجارية.. وللأسف تحمل روشتات السواد الأعظم من الأطباء (الأسماء التجارية)، بعضهم بحسن نية، أي لسرعة مفعول الدواء (كما يبررون)، والبعض الآخر بغرض الترويج لشركات الأدوية، وهذا ما يرفضه مجلس الأدوية حالياً رغم حرب المافيا.
:: ثم هناك قرار مهم للغاية، وهو قرار ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺃﻱ ﺩﻭﺍﺀ ﻳﻨﺘﺞ ﻣﺤﻠﻴﺎً، وذلك ﺑﺎﻳﻘﺎﻑ اﺳﺘﻴﺮﺍﺩﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ، ويعتبر من ﺃﻓﻀﻞ القرارات الحكومية ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺴﻮﺩﺍﻥ.. ونفذه المجلس القومي للأدوية والسموم (فورا)، أي منفذ حاليا، وهذا ما يؤرق أيضا مضاجع مافيا الأدوية المستوردة لحد تجنيد بعض النافذين ضد المجلس الرقابي.. نعم، بتأثير هذه المافيا على صناع القرار، كانت ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺿﺪ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﻲ ﻭﻟﻮ ﻟﺤﺪ ﺍلاﻛﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ، وﻧﺎﻫﻴﻜﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﺮ.
:: ﻓﺎﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﺝ ﺩﻭﻝ ﺗﺼﺮﻑ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍلاﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﻲ.. والعقول الصيدلانية هنا ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺳﺪ حاجة دول الجوار ﻭﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﺎﻭﺭﻫﺎ بالتصنيع، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻠﻢ.. ﻭﺃﻥ ﺗﻘﻮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ‏(ﺃﺧﻴﺮﺍ)، ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻈﻞ ﺧﺎﻣﻠﺔ ‏(دائما)، ولن تقوى الإرادة ما لم يقضِ رئيس الوزراء على المافيا التي بات يزعجها عض المجلس القومي للأدوية والسموم بالنواجذ على رعاية وحماية الصناعة الوطنية.

اقرا ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى