
حضرة المسؤول الرفيع سيزور المنطقة (الفلانية) هذا الخبر سيجد اهتماماً من قبل القائمين على إدارة تلك المنطقة ليس لمضمون وفحوى الزيارة، ولكن لأن حضرة المسؤول سيرفع تقارير عن المنطقة بأنها جنة الله على الأرض و(هي يا كافي البلاء) عائمة في الوسخ والإهمال يحفها من كل جنب، فيهب الوالي وحاشيته لنظافة المدينة ويقومون بغرس الأشجار الوهمية وينثرون الزهور وينظفون الطرق والمستشفيات وتحصل (قومة وقعدة) حتى يرضى عليهم حضرته ويزيد عليهم الثناء ويؤكد بأنهم خير راعٍ من بعده للرعية ويؤكد بأن الجماعة (شايفين شغلهم مية المية) وأن ما يقال أو يشاع عن معاناة أو وجود كارثة صحية ما هو إلا كلام مغرض من الأعداء الذين لا يريدون لهذا البلد خيراً وأن أيدي خفية تعمل من خلفهم وهذا ما اعتادت أن تبرر به الحكومة فشلها في كل مرة.
الأيام القليلة الماضية كشفت تماماً أن الحكومة في وادٍ والمواطن في وادٍ مهما عظمت الكارثة فإنها لا تستمع للمواطن المستغيث وتكذب كلامه، بأشد العبارات وكل ذلك من أجل مصلحتها وبقائها وأن تعكس للعالم (بأنه عداها العيب من التقصير)، في تناقض غريب لشعاراتها التي ترفعها.. فالمعروف والمعهود حينما يستغيث المواطن تقول الحكومة لبيك وتركض لنجدته وترى ما به وعليه لكنها لا تجند أجهزتها الإعلامية لتكذيب شكوى المواطن، وكما قالت تلك السيدة المغبونة التي تسكن حي (المرغنية) بكسلا والتي دعت على الوالي بكل العبارات الحارقة إلا أنها قالت: إن (الشكوى لغير الله مذلة) هذه الدعوات الصادقة أيها السادة لا تستهينوا بها فدعوة المظلوم مجابة وأن الظلم الذي يقع على المواطن هذه الأيام بسبب استهانة الحكومة بأوجاعه قد فات حده وأصبح مقرفاً وقد ضاق الناس بهذا النهج المتكبر الذي يتسلط عليهم ويستعرض مكامن القوى أهكذا تريدون أن تحكمون الناس (اخنق فطس) دون أن يشتكوا أو يستغيثوا بعضهم البعض هل وصلت حالة القمع لكبت استغاثات البسطاء وهم يهلكون بالمرض ويفرون من وإلى الله .
إن ما يحدث على أرض الواقع ليس بمستغرب، فالحكومة لا يهمها المواطن فكل فعائلها تدل على أنها منفصلة المزاج تعمل وفق ما تراه مناسباً لها وليس للمواطن لدرجة أن الصدام أصبح معلناً بينها وبين المواطن ومواقع التواصل الاجتماعي تؤكد ذلك فبينما يتغيث الناس في كسلا وجبل مرة جراء الكوارث كان مجندي الحكومة اللاكتونيا يعملون على تكذيب كل الأنباء الواردة من هناك حتى انتصرت كسلا بفضل النشطاء ومواطنيها وأوصلت صوتها لكل العالم الأمر الذي فضح حكومة المركز فكانت آخر المتحركين، حيث عملت حكومة الولاية على طمس آثار المرض بتسريحها للمرضى من العنابر حتى يبدو كل شيء كما يشتهون، لهذه الدرجة وصلت الفجوة بين الحكومة ومواطنيها.
إن ما يجري أمر معيب يا ليت في كل هفوة مخجلة تراجعوا أنفسكم فإن التاريخ لا يرحم يا سادة..
الجريدة