شمائل النور تكتب : عام على السقوط.!
في مثل هذا اليوم قضي الأمر، وقال الشعب كلمته؛ خلع البشير من الحكم واسترد حريته بعد نحو أربعة شهور متصلة من المواكب التي قابلتها حكومة البشير بترسانتها الأمنية والعسكرية التي ظلت تبني فيها على مدى الثلاثين عاماً.
طيلة شهور المواكب وصولاً للاعتصام المليوني تمسك الشارع بسلميته وهو محاط بآلة البطش والدم التي ما تركت متراً في هذه البلاد بلا دم، لكن الشعب انتصر لأنه قرر وعزم وصمد وكان لابد من الوصول إلى هذه المرحلة من النصر، والنصر ليس فقط في خلع البشير واستسلام لجنته الأمنية وجيوشه، بل النصر كان في الصبر على السلمية، والعزيمة والإرادة في مجابهة النظام الدموي الذي كان لابد أن يذهب.
تظل المعلومات شحيحة حول ما جرى ليلة خلع البشير، لكن المتاح والمتوفر يؤكد مدى تنافس رجال البشير وقواته في خلافته، هذا التنافس قاد لخروج البعض وسيطرة البعض الآخر، وهذه السيطرة نفسها محفوفة بالمخاطر، تنافس القوات الرئيسية في خلافة البشير على حساب ثورة الشعب وإن كان ظاهره انحيازاً، إلا أنه وبطبيعة ما جرى ويجري الآن، لا يُمكن ما حدث أن يطلق عليه انحياز إن لم يكن محاولة لقطع الطريق أمام التغيير، أو محاولة لما هو أقل درجة من “الهبوط الناعم”.
وهذا معطياته بين أيدينا، لا تحتاج إلى حشد الكثير من البراهين. طبيعة الاتفاق الذي حدث أطّر وأسس لهذا الشكل من الحكم أن تكون غلبة السلطة للمجموعة العسكرية.
ليس بالمقدور أن نكابر أكثر ونقنع أنفسنا أن ما حدث ليس تسوية سياسية، بل هي تسوية بلا مكاسب تذكر للثورة.
نحن الآن أكملنا عاماً كاملاً على سقوط البشير ونظامه القمعي الذي ولغ في الفساد لحد لا يُصدق وقاد البلاد إلى درك سحيق، أنهى كل شيء ابتداءً بالاقتصاد وانتهاءً بالأخلاق والضمائر.
لكن بعد عام، لم يحاسب أحد ولم يحاكم أحد. حتى اللحظة لم يصل بلاغ واحد ضد قادة النظام السابق إلى سوح المحاكم، وما أكثر جرائمهم وما أفظعها.
حتى اللحظة يحتفظ رموز وأعضاء النظام السابق بكامل امتيازاتهم الاقتصادية، بل باتوا ينتظمون في المواكب والمظاهرات لإسقاط الحكومة التي أتت بها الثورة التي اقتلعت نظامهم.
لتدرك الحكومة التي أتت بها الثورة، أنها ليست حكومة ترضيات جهوية أو قبلية وأنها ليست نتاج حوار وطني، لتدرك أنها جاءت بعد دماء وبشاعة تحدث عنها كل العالم، لترتقي بالمسؤولية على قدر الدم الذي سُفك في هذه الثورة.
التيار